أتمتة السجل العقاري في سوريَة.. مشروع لحفظ الحقوق وتعزيز التحول الرقمي

أتمتة السجل العقاري في سوريَة.. مشروع لحفظ الحقوق وتعزيز التحول الرقمي
أتمتة السجل العقاري في سوريَة.. مشروع لحفظ الحقوق وتعزيز التحول الرقمي

في خطوة هامة نحو التحول الرقمي في سوريَة، عقدت وزارة الإدارة المحلية والبيئة في العاصمة، دمشق، اجتماعًا لمناقشة آلية أرشفة الوثائق في المصالح العقارية، تمهيدًا لأتمتة السجل العقاري بشكل كامل، مع الحرص على اعتماد آلية موثوقة للأرشفة عبر لجنة مركزية تعمل على متابعة وتوجيه عمل مديريات المصالح العقارية في جميع المحافظات.

الأتمتة وتسهيل الإجراءات:

وفي هذا السياق، أكد معاون وزير الإدارة المحلية والبيئة للشؤون الإدارية، ظافر العمر، في تصريح لوكالة الأنباء السورية، أن الهدف من الاجتماع هو وضع خطة متكاملة تسهّل أرشفة الوثائق، والانتقال من السجلات الورقية إلى الإلكترونية.

وأوضح العمر أن عملية الأتمتة قسمت إلى قسمين رئيسيين: السجل العقاري والسجل المساحي، مضيفًا أن العمل قد بدأ في السجل العقاري وفقًا لثلاث مراحل أساسية:

  • المرحلة الأولى: أرشفة العقود مع الصحائف العقارية، مع وجود ترميز يربط مستقبلًا بالسجل المساحي.
  • المرحلة الثانية: تتضمن استخدام برمجيات أندرويد وبرنامج رقمنة العقود، واختبار البرامج المتاحة.
  • المرحلة الثالثة: تتضمن آلية الربط بين الانتقال من السجل الورقي إلى الإلكتروني، وذلك بالاشتراك مع خبراء تقنيين وجهات ذات صلة.

تعزيز الموثوقية:

بدوره، أوضح مدير المديرية العامة للمصالح العقارية، عبد الكريم إدريس، أن المشروع يحفظ الحقوق ويعزز الموثوقية، مشيرًا إلى أن البرمجية المصممة جُرّبت خلال المدة الماضية، ولافتًا إلى أنه حددت الأسس التنظيمية لاعتمادها ضمن العمل العقاري اليومي لتسهيل الخدمات للمواطنين.

دعم الشفافية وتحسين الكفاءة:

أكد مدير التحول الرقمي في الوزارة، أحمد العليوي، أن خطة المشروع تتضمن مرحلتين أساسيتين: الأولى تتعلق بأرشفة العقود، والثانية تتضمن أرشفة السجل العقاري.

وأضاف في تصريحات لوكالة الأنباء السورية، أن المشروع سيُنفذ خلال مدة تتراوح بين ستة وسبعة أشهر في العاصمة دمشق، عبر فرق مدربة وتجهيزات تقنية متخصصة.

وأضاف: “نحن نهدف إلى رفع كفاءة الخدمات، وتقليص التكاليف، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إلى جانب التحديث المستمر للبيانات لتلبية احتياجات المواطنين والمتعاملين في القطاع العقاري”.

أهمية التحول الرقمي في الأرشفة العقارية:

من جهتها، أوضحت المحامية، هديل عمر، في حديثها إلى “البوابة التقنية” أهمية المشروع، قائلة: “التحول الرقمي في السجلات العقارية يعد خطوة أساسية نحو تحقيق العدالة والشفافية في المعاملات العقارية”.

وتابعت: “أتمتة السجل العقاري ستسهم في تقليل الأخطاء البشرية، وتوفر وقتًا طويلًا للمواطنين في إجراءات تسجيل الملكيات أو التحويلات العقارية. كما أن الاعتماد على الأنظمة الرقمية يقلل من فرص التلاعب أو فقدان الوثائق الهامة”.

وأما المحامي، طارق عميرة، فأكد للبوابة التقنية، أنه ومن خلال الأرشفة الإلكترونية، سيكون من الأسهل التحقق من صحة البيانات، ويمنع أي تلاعب قد يحدث في السجلات الورقية، مما يعزز من الثقة في المعاملات العقارية”.

وزاد: “كذلك، فإن تسريع الإجراءات سيوفر على المواطنين عناء التكاليف العالية والوقت الطويل الذي يتطلبه إنجاز المعاملات التقليدية، وهنا أيضا أود الإشارة إلى أن الأرشفة الإلكترونية تحفظ حقوق الناس، فعلى سبيل المثال هناك الكثير ممن فقدوا وثائق الملكية خلال الحرب التي شهدتها البلاد على مدى 14 عامًا”.

وتجد الإشارة إلى أن وزارة العدل السورية قد أصدرت في آيار/ مايو 2025 تعميمًا بغرض مكافحة ظاهرة نقل ملكية العقارات عن طريق التزوير والاحتيال، وهي ظاهرة تفاقمت في السنوات الأخيرة في مدة النظام السابق، وهو ما بات يُشكّل تهديدًا حقيقيًا لحقوق المالكين في مختلف المحافظات.

وأكدت الوزارة أن التعميم جاء استجابة لتصاعد هذه الظاهرة، وانتشارها على نطاق واسع، مما يستدعي تدخلًا قضائيًا وتنظيميًا عاجلًا لضمان حماية الملكية العقارية.

وطالبت الوزارة، في تعميمها الموجه إلى المحاكم المختصة، بضرورة إلزام أطراف الدعاوى المتعلقة بتثبيت البيوع أو نقل الملكية، بتقديم بيانات عقارية مصدقة رسميًا، تُثبت تسلسل انتقال الملكية وصولًا إلى المالك الحالي، مع التحقق من صحتها.

وكانت حقوق الملكية العقارية في سوريَة قد تعرضت لانتهاكات واسعة خلال سنوات الحرب، طالت ملايين الأشخاص ممن فقدوا وثائق ملكياتهم بسبب التهجير، أو القصف والحرائق، بالإضافة إلى قوانين النظام السابق التي استُخدمت للاستيلاء غير القانوني على الممتلكات.

ومع سقوط نظام الحكم السابق في الثامن من ديسمبر 2024، وبدء عودة المهجرين، برزت الحاجة إلى إطار قانوني جديد يساعد السوريين على استعادة حقوقهم وإثبات ملكياتهم العقارية في ظل فقدان الوثائق الرسمية وتضرر السجلات.

مستقبل الأتمتة:

أشاد خبراء بأهمية هذا المشروع على الصعيدين التقني والقانوني، إذ يعد خطوة هامة نحو تحسين الأداء الحكومي في القطاع العقاري، الذي يعاني تحديات كبيرة في إدارة السجلات الورقية.

وبحسب بعض الخبراء، من المتوقع أن يسهم التحول الرقمي في تسريع الإجراءات وزيادة كفاءة العمل الحكومي، وهو ما سيكون له دور كبير في تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات.

ومن المتوقع أن يشمل المشروع جميع المحافظات السورية في المستقبل، مما سيمهد الطريق لإنشاء قاعدة بيانات متكاملة تُسهم في تعزيز الشفافية وموثوقية المعاملات العقارية على مستوى الدولة.

ويواجه التحول الكامل إلى الأتمتة تحديات عدة، تشمل الحاجة إلى تطوير البنية التحتية التقنية، في ظل ضعف شبكات الإنترنت في بعض المناطق ونقص البيانات والمعدات الحديثة التي تدعم الأنظمة الإلكترونية، مع الحاجة إلى تدريب الموظفين على استخدامها.

لكن رئيس لجنة الاستثمار والتطوير العقاري في غرفة تجارة دمشق، الدكتور محمد مروان أورفلي، أوضح في حديث سابق إلى صحيفة الثورة، أن البيئة التقنية والكوادر المؤهلة متوفرة في سوريَة لضبط القطاع العقاري عبر الأتمتة الشاملة، مشددًا على أن هذا التحول ليس رفاهية، بل ضرورة حتمية لحماية الحقوق وجذب الاستثمار وبناء ثقة متينة في سوق عقارية بمرحلة جديدة تتطلب الشفافية والكفاءة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

المصدر: البوابة العربية للأخبار التقنية

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى