نجح باحثون في كلية إيكان للطب (Icahn School of Medicine) التابعة لمستشفى ماونت سيناي (Mount Sinai) في تطوير أداة جديدة معتمدة على الذكاء الاصطناعي، تتمتع بالقدرة على اكتشاف الطفرات الجينية المسببة للأمراض، بالإضافة إلى توقّع أنواع الأمراض التي قد تنشأ بسبب هذه الطفرات.
تُعرف الأداة الجديدة باسم (V2P (Variant to Phenotype، وقد صُممت لتسريع عمليات الفحص الجيني والمساهمة في تسهيل البحث عن علاجات جديدة للحالات المرضية المعقّدة والنادرة. وقد نشرت الدراسة الخاصة باختبار الأداة الجديدة في مجلة Nature Communications العلمية.
ربط الطفرات الجينية بنتائجها المرضية باستخدام الذكاء الاصطناعي
تقتصر معظم أدوات التحليل الجيني المتوفرة حاليًا في تحديد كون الطفرة الجينية ضارّة أم لا، دون القدرة على تحديد نوع المرض الذي قد تسببه. وهنا يأتي دور أداة V2P، التي تتجاوز هذا القيد من خلال الاعتماد على تقنيات متقدمة في التعلّم الآلي لربط المتغيرات الجينية بنتائجها المتوقعة، أي الأمراض أو السمات التي قد تنتج عنها، وهذا يُتيح التنبؤ بتأثير الحمض النووي للفرد في صحته في المستقبل.
وأوضح (David Stein)، المؤلف الرئيسي للدراسة، أن هذه الأداة تتيح للباحثين تحديد أكثر التغيرات الجينية ارتباطًا بحالة المريض بدقة أكبر، بدلًا من فحص آلاف المتغيرات المحتملة. وأضاف أن القدرة على تحديد كون الطفرة مُمرِضة أم لا، وكذلك نوع المرض المرجّح أن تسببه، تساهم في تحسين سرعة تفسير البيانات الجينية ودقتها وعملية التشخيص.
وقد درّب الفريق البحثي أداة V2P باستخدام قاعدة بيانات واسعة تضم متغيرات جينية ضارّة وغير ضارّة، بالإضافة إلى معلومات تفصيلية عن الأمراض المرتبطة بها. وعند اختبار الأداة على بيانات حقيقية لمرضى مع إزالة أي معلومات تعريفية عن الأمراض التي يعانونها، تمكّنت الأداة في كثير من الحالات من تحديد الطفرة المسببة للمرض؛ مما يشير إلى قدرتها على تقليل الوقت والجهد المطلوبين للتشخيص الجيني بنحو ملحوظ.
دعم اكتشاف الأدوية من خلال رؤى جينية مدعومة بالذكاء الاصطناعي
بالإضافة إلى دورها في تسريع عملية التشخيص، يرى الباحثون أن V2P يمكن أن تكون أداة مهمة لدعم أبحاث تطوير الأدوية. ويؤكد الدكتور (Avner Schlessinger)، المؤلف المشارك للدراسة، أن الأداة قادرة على مساعدة الباحثين ومطوري العلاجات في تحديد أكثر الجينات ارتباطًا بأمراض محددة.
وأوضح أن هذه الرؤى قد تساهم في توجيه تطوير علاجات مصممة وراثيًا لتستهدف الآليات الأساسية للمرض، خصوصًا في الحالات النادرة والمعقدة التي تفتقر غالبًا إلى خيارات علاجية فعالة.
وفي الوقت الحالي، تُصنّف V2P الطفرات الجينية ضمن فئات مرضية عامة، مثل اضطرابات الجهاز العصبي أو الأورام السرطانية. ويخطط الفريق البحثي مستقبلًا لرفع مستوى دقة الأداة بحيث تتمكن من التنبؤ بنتائج مرضية أكثر تحديدًا، بالإضافة إلى دمجها مع مصادر بيانات إضافية لدعم جهود اكتشاف الأدوية وتسريعها.
خطوة متقدمة نحو طب دقيق قائم على الجينات
يمثل هذا الابتكار تقدمًا مهمًا في مسار الطب الدقيق، الذي يهدف إلى اختيار العلاجات وفق الخصائص الجينية لكل مريض. فمن خلال الربط المباشر بين متغيرات جينية محددة وتأثيراتها الصحية المتوقعة، يمكن لأداة V2P أن تساعد الأطباء في التشخيص في وقت أسرع، كما تتيح للباحثين الكشف عن أهداف علاجية جديدة.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور (Yuval Itan)، المؤلف المشارك أن أداة V2P توفر فهمًا أعمق لكيفية تحوّل التغيرات الجينية إلى أمراض فعلية.
وأشار إلى أن ربط متغيرات جينية محددة بأكثر أنواع الأمراض احتمالًا أن تسببها يساعد في ترتيب الأولويات فيما يتعلق بدراسة الجينات وتحديد ما يستحق دراسة معمّقة، وهذا يسهّل الانتقال من الفهم البيولوجي الأساسي إلى تحديد الإستراتيجيات العلاجية المحتملة، وتصميم تدخلات طبية مخصصة بدقة وفق البصمة الجينية الفريدة لكل فرد.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
المصدر: البوابة العربية للأخبار التقنية




