موقع دعم الإخباري

تكسبولاند.. حكاية سورية بلغات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي

تحوّلت مدينة المعارض بريف دمشق إلى نقطة جذب استثنائية وإلى عاصمة للتقنية والابتكار في سوريَة، خلال المدة الممتدة من 17 إلى 20 أكتوبر 2025، وذلك عبر استضافتها الدورة الأولى من معرض (تكسبو لاند) للتكنولوجيا والابتكار، التي شاركت فيها نحو 80 علامة تجارية محلية وعربية ودولية.

وهذا الحدث، الذي نجح في جذب شريحة واسعة من الزوار، لم يكن مجرد معرض عابر، بل تحول إلى منصة شاملة جمعت بين العارضين الدوليين والمحليين، والخبراء التقنيين، والمستثمرين الواعدين، والطلاب المتعطشين لاستشراف الآفاق المستقبلية في عالم التكنولوجيا.

حضور لافت وتمازج للخبرات:

شكّل تنوع المشاركين في المعرض أحد أبرز ملامح نجاحه، حيث ضم أروقته علامات تجارية مثلت قطاعات متنوعة وشاملة، إذ لم تقتصر هذه المشاركات على عرض المنتجات، بل تجاوزتها إلى بناء جسور من التواصل وتبادل الخبرات بين الخبراء المحليين ونظرائهم من مختلف أنحاء العالم.

وغطت العروض مجالات حيوية مثل تقنيات الاتصالات المتطورة، وحلول الذكاء الاصطناعي التطبيقية، وأنظمة الأمن السيبراني الحاسمة في العصر الرقمي، والأنظمة السحابية المرنة، والتطبيقات المالية المبتكرة (FinTech)، بالإضافة إلى منصات التعليم من بُعد التي أصبحت ضرورة في عالم اليوم.

وهذا التنوع الكبير لم يكن عشوائيًا، بل جاء ليعكس سعيًا جماعيًا ووعيًا بأهمية تكامل هذه القطاعات لدعم مسار التحول الرقمي الشامل الذي تشهده سوريَة، وليؤكد أن هذا الأمر لم يَعد ترفًا، بل أصبح حاجة ملحة لمواكبة التطورات العالمية.

دعم حكومي ورؤية إستراتيجية:

وفي إطار الدعم الرسمي لهذا التوجه، أكد السيد شحادة الإبراهيم، المدير العام للهيئة الوطنية لخدمات تقانة المعلومات، أهمية الدور المحوري لمثل هذه الفعاليات في بناء اقتصاد المعرفة.

وفي تصريحات عبر مؤتمر صحفي، قال الإبراهيم: “تدعم وزارة الاتصالات هذه المعارض وتشجع المبادرات التي تعزز من تبادل الخبرات والتعاون بين الشركات المحلية والأجنبية في مجالات الذكاء الاصطناعي والابتكار، وتقدم كل التسهيلات لها”.

وأضاف الإبراهيم مشيرًا إلى البعد الإستراتيجي للمعرض: “إنه يشكل نافذة مهمة لاستعراض أبرز الخدمات التكنولوجية التي تلبي السوق المحلية في سوريَة، ويساهم في تعريف الشركات العالمية بإمكانيات السوق السورية والكوادر الشابة المؤهلة”.

استكشاف للفرص في السوق السورية الواعدة:

استقطب المعرض شركات عربية وأجنبية رائدة، وقد عبّر ممثلوها عن تفاؤل كبير واهتمام ملحوظ باستكشاف الآفاق والفرص الواعدة في السوق السوري.

وفي هذا السياق، أوضح أمير فخري، المدير التنفيذي لشركة (Global Solutions Hub) الكندية، المتخصصة في تقديم الحلول الذكية لإدارة الأساطيل البحرية والبرية وتعمل في 23 دولة حول العالم، الرؤية التي دفعت شركته للمشاركة، قائلًا: “جئنا إلى المعرض لاستكشاف السوق السورية بعمق، وتحديد ما يمكن تقديمه من تقنيات وخبرات لازمة تلبي احتياجاتها التنموية”.

وتعكس تصريحات فخري، وفقًا لآراء العديد من المشاركين، نظرة استشرافية واثقة من الشركات العالمية التي ترى في سوريَة سوقًا واعدًا يتمتع بالقدرة على استيعاب وتطبيق التقنيات المتقدمة.

ومن جهته، رأى السيد مصطفى بابكر الصديق، مدير المشاريع التقنية في شركة (ديجيتال التقنية) السعودية، أن المشاركة جاءت انطلاقًا من قيمة المعرض كمنصة حيوية، قائلًا: “مشاركتنا في معرض تكسبو لاند تأتي لكونه منصة مهمة لعرض  الخدمات التقنية التي يمكن أن تلبي احتياجات سوريَة على المستوى التكنولوجي والتحول الرقمي“.

وبدورها، وجدت العديد الشركات الخليجية في المعرض فرصة ثمينة لتعزيز وجودها ونقل خبراتها، إذ أشار السيد إسماعيل حزوري، مدير شركة (Smart Way) السعودية للتحول الرقمي، إلى هذا المعنى بقوله: “إن الشركة تتطلع إلى نقل خبراتها إلى السوق السورية للمساهمة في دعم إدخال تقنيات عالمية للنهوض بواقع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فيها”.

وفي السياق ذاته، وصف السيد محمد اللحام، مدير شركة (Four Sage) الإماراتية، المعرض بأنه “نافذة تسويقية مهمة للخدمات التي تقدمها الشركات، وفرصة للتواصل وتعزيز التعاون بين المشاركين المحليين والأجانب”.

وأعرب السيد موسى الشيخ، مدير شركة كنزي الإماراتية، في تصريحات نقلتها وكالةالأنباء السورية الرسمية عن حماسه للمشاركة في التحول الرقمي بسوريَة، مبينًا أن “المعرض فرصة غنية للاطلاع والمشاركة”، وأن مشاريع الشركة تشمل قطاعات لوجيستية حيوية مثل الخدمات الطبية والتعليمية والتسويق الإلكتروني.

ومن الكويت، سلط السيد إياد غزال، نائب مدير شركة (كومبايند تكنولوجي)، الضوء على تطبيق “دوامي” للتحكم بالحضور والانصراف باستخدام الذكاء الاصطناعي، موضحًا أنه “انتشر بشكل واسع في دول الخليج، وبدأ حديثًا بالانتشار في سوريَة”.

إبداعات في خدمة المجتمع والإنسان:

إلى جانب المشاركة العربية والدولية، برزت بإشراق إبداعات الشركات والأكاديميات السورية الناشئة، التي أثبتت أن الهم الوطني والإنساني هو محركها الأساسي.

وفي هذا المنحى، قدم السيد حمزة عمار، مدير البرامج في شركة (روبوغيكس) السورية، شرحًا وافيًا عن رسالة الشركة، موضحًا أنها بدأت عملها عام 2020 في لبنان بهدف “تبسيط علوم الروبوتات والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي للأطفال واليافعين والكبار”، ومشيرًا إلى أن الشركة دخلت، حديثًا، إلى سوريَة عبر مبادرات تعليمية موجهة.

ولم تكن هذه المبادرات نظرية فحسب، بل تجسدت في مشاريع إنسانية ملموسة، إذ كشف عمار عن مبادرة مجتمعية استثنائية استفاد منها نحو 20 شخصًا، بينهم 15 سوريًا لاجئًا في لبنان، حيث قام طلاب الأكاديمية بتصميم أجهزة مساعدة كان لها أثر كبير في تحسين حياتهم.

وقد تضمنت هذه المشاريع، حسب شرح عمار، “جهازًا لتذكير كبار السن بمواعيد الدواء، وطرفًا صناعيًا ساعد أمًا فقدت يدها على رعاية طفلتها، إضافة إلى كرسي متحرك قابل للارتفاع لتسهيل دخول السيارات”.

من ناحية أخرى، وأمام جناح ملوّن اجتذب الأطفال، أوضحت السيدة لينا الدقر، المديرة التنفيذية لأكاديمية “كوكب عبقر”، الفلسفة التعليمية التي تنتهجها الأكاديمية، قائلة إن الهدف هو “تعليم الأطفال واليافعين مبادئ البرمجة والتقنيات الحديثة، وتحويلهم من مستخدمين سلبيين للتكنولوجيا إلى مبتكرين قادرين على توظيفها في حياتهم العملية”.

شباب طموح:

من جانب آخر، جسّدت آراء الشباب الزائر للمعرض، وهم جيل المستقبل، الأمل الكامن بمستقبل التكنولوجيا في سوريَة. فالطالبة رانية شريف، طالبة في كلية الهندسة المعلوماتية بإحدى الجامعات الخاصة، عبرت عن مشاعر الأمل التي انتابتها، قائلة: “رؤية هذا الكم من التقنيات المتقدمة والشركات الدولية هنا مدينة المعارض يمنحنا أملًا كبيرًا  بمستقبل أفضل، ولطالما حلمت بالعمل في مجال الذكاء الاصطناعي”.

وأكدت رانية في حديثها إلى موقع “البوابة التقنية” أن المشاريع التي شاهدتها هنا، خاصة تلك الموجهة لخدمة المجتمع وذوي الإعاقة، تؤكد أن التكنولوجيا ليست رفاهية، بل أدة حقيقية للتغيير والإعمار، مضيفة: “هذا المعرض يفتح أمامنا، كطلاب، آفاقًا في عملية للتدريب والتواصل المباشر مع خبراء عالميين، وهو ما كنا نفتقده سابقًا”.

أما ثائر الخطيب (18 عامًا)، الطالب في المرحلة الثانوية ذو الاهتمامات التكنولوجية الواسعة، فعبّر لموقع “البوابة التقنية” كيف ساعدته الزيارة إلى المعرض في حسم اختياره المهني المستقبلي، قائلًا: “كنت أتساءل طوال الوقت عن المجال التكنولوجي الدقيق الذي سأختص به بعد نيل شهادة الثانوية العامة، ولكن زيارة معرض تكسبو لاند حسمت أمري إلى حد كبير”.

وتابع: “شاهدت تطبيقات عملية مذهلة للبرمجة، والأمن السيبراني، والروبوتات، وتحدثت مباشرة إلى ممثلين عن شركات سورية شابة استطاعت تحقيق نجاحات ملهمة، ومن ثم لم أعد أشعر أنني معزول عن العالم التكنولوجي السريع التطور. قراري الآن واضح.. سأعمل على تطوير مهاراتي في البرمجة وتطوير التطبيقات، وأتمنى حقًا أن أرى مشروعي الخاص يقام ويُعرض في إحدى الدورات القادمة من هذا المعرض”.

وفي تعليق له على ذلك الحدث، أشار الخبير التقني خالد خليل إلى الأهمية العملية والاقتصادية للمعرض، قائلًا: “ما شهده معرض تكسبو لاند ليس نجاحًا تنظيميًا فحسب، بل هو مؤشر حيوي على بدء نضوج البيئة التكنولوجية في سوريَة”.

وأضاف في حديثه إلى موقع “البوابة التقنية”: “نجاح هذه الدورة يؤسس لمرحلة جديدة قائمة على الشراكات الحقيقية والاستثمار في الكفاءات المحلية، والتحدي القادم هو تحويل هذه الزخم والطاقة الإيجابية إلى مشاريع رقمية ملموسة تعزز من مرونة الاقتصاد الوطني وتوفر فرص العمل للشباب، مما يسهم في عملية إعادة الإعمار الشاملة”.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

المصدر: البوابة العربية للأخبار التقنية

أخبار متعلقة :