موقع دعم الإخباري

حرب البيانات والذكاء الاصطناعي.. كيف أعاد وادي السيليكون تشكيل آلة الحرب الإسرائيلية؟

كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية في سلسلة تحقيقات صحفية استقصائية – نُشرت على مدار عام كامل – عن علاقة تكاملية وثيقة بين الجيش الإسرائيلي وشركات التقنية الأمريكية الكبرى في وادي السيليكون، بما تحمله من تداعيات مباشرة على طبيعة الحروب المستقبلية ودور الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في العمليات العسكرية.

وأظهرت التحقيقات التي نشرتها الصحيفة، بالتعاون مع مجلة “+972” الإسرائيلية الفلسطينية ومنصة «لوكال كول» العبرية، كيف عمّقت شركات مثل مايكروسوفت وجوجل وأمازون تعاونها مع الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على غزة، في ظل تصاعد غير مسبوق في استخدام أنظمة تحليل البيانات والتقنيات السحابية.

وبحسب ما توصلت إليه التحقيقات، فقد استُخدمت خدمات الحوسبة السحابية التابعة لمايكروسوفت في تخزين كمّ هائل من الاتصالات الهاتفية التي جُمعت ضمن برنامج مراقبة واسع النطاق للفلسطينيين، مما دفع الشركة لاحقًا إلى فتح تحقيق داخلي وإيقاف وصول إسرائيل إلى بعض تقنياتها.

أخبار ذات صلة: مايكروسوفت تمنع الجيش الإسرائيلي من الوصول إلى بعض خدماتها

وكشفت التحقيقات أيضًا عن تطوير الجيش الإسرائيلي أداة شبيهة بروبوت “ChatGPT” لتحليل البيانات المُستخرجة من عمليات المراقبة، إضافة إلى تقديم جوجل وأمازون شروطًا استثنائية للفوز بعقد ضخم مع الحكومة الإسرائيلية لتوفير خدمات الحوسبة السحابية لها.

تغيّر ضخم بعد “السابع من أكتوبر”

أوضحت صحيفة الغارديان أن الجيش الإسرائيلي اعتمد منذ سنوات على “هوس” بالذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، وهو توجه ارتبط بنحو مباشر بالاحتلال الذي يولّد كميات ضخمة من البيانات، لكن ما تغيّر بعد السابع من أكتوبر هو حجم الاستخدام، مع سعي الجيش الإسرائيلي إلى قصف مئات الأهداف يوميًا في غزة، وتجنيد عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، مما أدى إلى إقبال غير مسبوق على قدرات التخزين والتحليل التي توفرها شركات التكنولوجيا الكبرى.

وأوضحت الصحيفة أن الإقبال لم يقتصر على سعات التخزين، بل شمل أدوات تحليل البيانات الاستخباراتية، خاصةً التقنيات التي تتيح معالجة كميات شبه غير محدودة من المعلومات الخام.

الذكاء الاصطناعي كأداة حرب

بيّنت التحقيقات أن الذكاء الاصطناعي شكّل محورًا أساسيًا في العمليات العسكرية الإسرائيلية؛ إذ استُخدمت خوارزميات لتقييم احتمالية انتماء أفراد في غزة إلى فصائل مسلحة، اعتمادًا على نظام تعلّم آلي يُعرف باسم “لافندر”.

ووفق مصادر مطلعة، فقد أتاح هذا النظام توليد عشرات الآلاف من الأهداف العسكرية على نطاق لم يكن ممكنًا دون الأتمتة، حتى مع علم الجيش بوجود نسب خطأ في هذه الأنظمة.

ويرى مختصون أن خطورة الذكاء الاصطناعي لا تكمن فقط في أخطائه، بل في “مقدار الدمار” الذي يسمح به، وفي منحه غطاءً من “الشرعية التقنية” لعمليات واسعة النطاق تُقدَّم بوصفها ضربات دقيقة قائمة على البيانات.

قلق داخل وادي السيليكون

أشارت تحقيقات “الغارديان” إلى تنامي حالة من القلق والاعتراض داخل شركات التكنولوجيا نفسها، حيث عبّر موظفون حاليون وسابقون عن صدمتهم من استخدام منتجات شركاتهم في عمليات عسكرية وعمليات مراقبة جماعية. وظهرت حركات احتجاجية داخل هذه الشركات، أدّت دورًا في الضغط على إداراتها، وكان لها تأثير مباشر في قرار مايكروسوفت تقييد بعض خدماتها.

وبرزت مخاوف قانونية محتملة، إذ برزت تحذيرات غربية من أن أي حكم مستقبلي من محكمة العدل الدولية قد يفتح باب التساؤل حول الجهات والشركات التي أسهمت في دعم العمليات العسكرية والانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل خلال حربها على غزة.

أخبار ذات صلة: اعتصام داخل مايكروسوفت.. موظفون يطالبون بوقف التعاون مع إسرائيل بسبب حرب غزة

رهانات سياسية ومستقبل غامض

أشارت التحقيقات إلى أن إسرائيل باتت تعتمد بنحو متزايد على شركات أمريكية ضمن مشروع يُسمى “نيمبوس”، الذي ينقل بيانات حكومية وأمنية حساسة إلى خوادم جوجل وأمازون. وينطوي هذا الاعتماد، وفق صحفيي الغارديان، على رهان سياسي يفترض استمرار الدعم الأمريكي دون قيود، وهو رهان قد يتغير مع تحولات الرأي العام أو تبدّل الإدارات في واشنطن.

أخبار ذات صلة: الكشف عن تفاصيل عقود أمازون وجوجل مع إسرائيل

ويرى معدّو التحقيقات في الصحيفة أن ما كُشف حتى الآن لا يُعد سوى “قمة جبل الجليد”، مؤكدين استمرار العمل لكشف مزيد من التفاصيل حول استخدام هذه التقنيات في غزة والضفة الغربية، في ظل اهتمام متزايد من جيوش غربية أخرى بتجربة إسرائيل في إدماج الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا التجارية في العمليات العسكرية، مما يفيد بأن غزة كانت “حقل تجارب” لهذا النوع من التقنيات.

ويخلص التحقيق إلى أن العلاقة المتنامية بين الجيوش وشركات التكنولوجيا الكبرى لم تعد مسألة تجارية أو تقنية فحسب، بل أصبحت عنصرًا حاسمًا في تشكيل قرارات الحرب وطبيعة الصراعات في المستقبل.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

المصدر: البوابة العربية للأخبار التقنية

أخبار متعلقة :