أوضح وزير الزراعة نزار هاني، خلال حديثه في برنامج “حوار المرحلة”، أنّ موضوع شركة “تنورين” شهد تضخيمًا على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أنّ القرار الصادر في الملف كان تدبيرًا احترازيًا قصير الأمد يقضي بتوقيف الإنتاج لمدة أسبوعين، وأنه لم يكن من المفترض أن يصل إلى الإعلام، بل كان يجب أن ينحصر بين وزارة الصحة وإدارة الشركة.
وأكد هاني أنّه كوزير لم يملك كافة التفاصيل في البداية، فاستند إلى الثقة بوزير الصحة، لافتًا إلى أنّ مهمة الترصد الوبائي تتضمن متابعة كل المستجدات الصحية، وجمع العينات للتأكد من سلامتها، وأن المختبرات التابعة للمستشفيات الحكومية صالحة لفحص المياه.
وأضاف أنّ وزير الصحة ركان ناصر الدين قام باتخاذ تدبير احترازي، وأرسل العينات إلى المختبرات المعتمدة، ولم “يغسل يديه” من الموضوع كما يُقال.
وأوضح الوزير أنّه سيتم استكمال فحص العينات، وأن النتائج حتى اللحظة جيدة و”نظيفة”، مشيرًا إلى أن الشركة رائدة ويُفتخر بها، وأن نتائج الفحص الجديدة ستصدر صباح الخميس الساعة السابعة، كما أشار إلى أنّ الخطأ الأساسي كان في تسريب القرار، ويجب على من سرب المعلومات أن يتحمّل المسؤولية.
وشدد هاني على أنّ قضية “تنورين” بسيطة، وأن ما حصل “حملة دعائية للشركة”، مؤكدًا أنّ مياه “تنورين” لا تشكل أي خطر على المواطن، وأن الشركة لن تتأذى من هذه الأزمة، وأضاف أنّه لا يمكن تحويل كل قضية إلى موضوع طائفي أو إلى قضية رأي عام.
وعن خلفية الأزمة، أشار الوزير إلى أنّ الثقة بين المواطن والدولة كانت مفقودة خلال السنوات الماضية، وأن وزارة الزراعة كانت شبه غائبة، مضيفًا أنّه منذ توليه الوزارة حاول استعادة الثقة بين الحكومة والمواطن، وأن أزمة “تنورين” أكدت أنّ المصداقية ما زالت غائبة.
وأكد هاني أنّ كل شخص أخطأ في الملف، سواء من أخذ العينات أو تسريب المعلومات، سيتحمّل المسؤولية، داعيًا إلى ضبط المعلومات وعدم تضخيم الأمور بعيدًا عن الحقائق.
كما شدد على أن لبنان ملتزم بمعاهدة الهدنة مع إسرائيل، مؤكدًا أنّ الضربات الإسرائيلية تهدف إلى الضغط على البلاد، وأشار إلى أنّ المطلوب اليوم وقف الاعتداءات على لبنان، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من النقاط الخمس، وإعادة الأسرى اللبنانيين.
ولفت هاني إلى أنّ لبنان يسعى لأن يكون جزءًا من المنطقة، وعدم الانعزال عنها، مؤكّدًا أنّ العلاقات مع الأشقاء العرب تحسنت، رغم أنّها لم تعد طبيعية بعد.
وأضاف أنّ خطة الجيش واضحة، وأن قائد الجيش رودولف هيكل أكد عدم وجود أي تأخير في تنفيذ الخطة سوى من الناحية اللوجستية، داعيًا إلى تعزيز الدعم الخارجي للجيش من الدول الصديقة.
وأشار إلى أنّ إسرائيل تعرقل عمل الجيش اللبناني، مؤكدًا أنّ لبنان قام بواجباته ونفّذ ما عليه وفق الورقة الأميركية، وأنّ “الحزب” جزء من الشعب اللبناني، ولا يمكن البدء بإعادة الإعمار قبل حصر السلاح، كما أوضح أنّ عملية حصر السلاح مسألة وقت، وأنّ الجيش بحاجة إلى دعم لوجستي وسياسي وإحاطة دولية للحفاظ على الهدوء في الجنوب، وأنّ عملية سحب السلاح لا تحدث بين يوم وليلة.
ولفت هاني إلى أنّ الضربة التي استهدفت المصيلح تُعد رسالة من إسرائيل مفادها أنّ إعادة الإعمار ممنوعة، مشيرًا إلى أنّ لبنان بحاجة لدعم مادي وسياسي لإنجاح خطط الجيش، مع العلم أنّ بعض مواقع السلاح في الجنوب تحتاج إلى أسبوع كي يتم تفكيكها، بحسب قائد الجيش.
وأوضح أنّ إعادة الإعمار ستكون عبر مجموعة قروض من البنك الدولي، وأنّ وزراء الحزب في الحكومة يتعاونون معهم في هذا الملف.
وفي موضوع اضاءة صخرة الروشة، أكد أنّ كل الإجراءات المطلوبة اتُخذت لعدم تكرار أي تجاوزات، حيث تم تعليق عمل الجمعية المخالفة لحين انتهاء التحقيق، دون المساس بهيبة الدولة، وأشار هاني إلى أنّ لبنان يسعى لمواصلة خطواته في المنطقة على أساس الخيار الصحيح، مستفيدًا من الدعم الذي حظي به في هذا السياق، مؤكّدًا أنّ الدولة ملتزمة بكافة الإجراءات لضمان استقرار الأمن وتحقيق التقدم في ملفات إعادة الإعمار وحصر السلاح.
إلى ذلط، أوضح هاني أن علاقات لبنان مع سوريا أصبحت ودية وإيجابية، وأنّ القنوات الرسمية مع دمشق مفتوحة حاليًا، وأشار إلى أنّ ما حصل في السويداء كان حدثًا كبيرًا، مشيرًا إلى أنّ عددًا كبيرًا من الموقوفين والمخطوفين قد أُطلق سراحهم، مضيفا ان جنبلاط يعمل على متابعة هذا الملف.
وأكد هاني أنّ الحكومة ملتزمة بتنفيذ ما يشرّعه مجلس النواب، مشددًا على أنّها ستتدخل في حال عدم قدرة المجلس على التشريع في موضوع الانتخابات، مؤكدًا أنّ الانتخابات النيابية ستُجرى في موعدها.
ولفت إلى أنّ وزارة الزراعة تمثل 0.43% من الموازنة، في حين يشكّل القطاع الزراعي 9% من الإنتاج الوطني، مع السعي لرفع هذه النسبة إلى 12%.
وأشار إلى أنّ العالم يعي أهمية هذا القطاع، وأنّ دعم الزراعة أصبح خيارًا أساسيًا لضمان استدامته، وأوضح أنّ الوزارة ستعقد مؤتمرًا للقطاع الزراعي في أوائل عام 2026، بهدف تشجيع المستثمرين على المساهمة فيه، مشيرًا إلى أنّ تطوير القطاع باستخدام التقنيات الحديثة ضروري لجذب الاستثمارات.
وأشار إلى أنّ الوزارة أنشأت سجلًا للمزارعين يتضمن 54 ألف مزارع، مؤكّدًا أنّ متابعة المزارع تأتي على رأس أولوياتها، لفهم أساليب العمل وضمان توافق المحاصيل مع متطلبات الأسواق الأوروبية، وأضاف أنّ كمية الأمطار كانت قليلة، لذلك يتم دراسة نوعية المزروعات المناسبة لكل منطقة، مع إنشاء برك لتجميع المياه والاستفادة من كل نقطة مطر.
وبيّن أنّ المنتج الأول للتصدير هو العنب، مشيرًا إلى أنّ مصر فتحت باب تصدير التفاح، إلا أنّ الأسواق الخليجية تشتري كميات أكبر، ما يجعل فتح التصدير عبر البر أفضل من البحر بسبب ارتفاع تكاليف الشحن البحري.
وأوضح أنّ المشروع مع البنك الدولي يوفّر قروضًا للقطاع الخاص ويدعم المزارعين الصغار، ويسهم في بناء البنى التحتية الزراعية.
وفيما يخص ملف القنب الهندي، أفاد هاني بأن هناك هيئة ناظمة تم إنشاؤها وبدأت بوضع النظام الداخلي، مع التطلع إلى ازدهار القنب الطبي والصناعي في الموسم القادم، وأشار إلى أنّ جهود الوزارة لحماية الإنتاج المحلي أدت إلى تحسّن جزئي في ملف التهريب، إلا أنّ التهريب لا يزال مستمرًا ويتطلب مواصلة العمل، خصوصًا في المناطق الحدودية مع سوريا.
وأكد هاني أنّ إعادة ترتيب الرزنامة الزراعية وتحديث الموسم الحالي، لا سيما محصول التفاح، من الأولويات، لضمان أفضل النتائج في التصدير وتطوير القطاع، بما يحقق مصلحة المزارعين ويعزز مكانة لبنان في الأسواق العربية والدولية.
كما أوضح أنّ موضوع التحطيب في غابة أرز الرب شبيه بموضوع شركة “تنورين”، مشيرًا إلى أنّ الغابات تعاني اليوم من الجفاف، وتحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، كما أنّ النشاط الكبير للحشرات يزيد من الضغط على البيئة الطبيعية، وأكد أنّ غابة أرز الرب بخير، وأنّ اللجنة الزراعية المختصة تقوم بعملها باحترافية لحماية الغابة والمحافظة على سلامتها.
وأشار الوزير إلى أنّه تم تشكيل المجلس الأعلى للوزارة كمجلس استشاري للوزير، بالإضافة إلى إنشاء مجلس إدارة جديد لدعم اتخاذ القرارات وتعزيز الفعالية في متابعة الملفات الزراعية والبيئية، وأوضح أنّ الحكومة تعمل اليوم في أجواء من التعاون بين جميع الأطراف لضمان تنفيذ السياسات والمشاريع بكفاءة.
وختم هاني مشددا على أن لبنان لا يسعى للرد على أي ضربات، وأنّ البلاد لا تزال داخل أزمة، مما يستدعي التركيز على حماية الموارد الوطنية وتعزيز الأمن الغذائي والبيئي، إلى جانب العمل على تطوير القطاع الزراعي وإعادة ترتيب الأولويات بما يخدم الاقتصاد الوطني ويحمي المواطنين.