أخبار عاجلة
إسرائيل تتسلم رفات رهينة من الصليب الأحمر -
ترامب: حان وقت إنهاء حرب أوكرانيا -

هانيبال القذافي إلى العدلية… هل دقت ساعة حريته؟

هانيبال القذافي إلى العدلية… هل دقت ساعة حريته؟
هانيبال القذافي إلى العدلية… هل دقت ساعة حريته؟

كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:

بعد عشر سنوات على احتجازه في بيروت، يعود ملف هانيبال القذافي إلى دائرة الضوء من جديد حيث يُفترض أن يمثل نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي أمام المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة، بناءً على طلب عائلة الإمام المغيّب السيد موسى الصدر.

جلسة استجواب مرتقبة تتجاوز طابعها القضائي البحت، لتعيد تسليط الضوء على جرحٍ وطني وإنساني وسياسي ظلّ مفتوحًا منذ أكثر من أربعة عقود، عنوانه اختفاء الإمام الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والسيد عباس بدر الدين في ليبيا عام 1978.

قضية هانيبال، كما يراها المتابعون، لم تعد مجرّد ملف جنائي عالق، بل تحوّلت إلى واحدة من أعقد القضايا القانونية والسياسية بين لبنان والمنظمات الحقوقية الدولية منذ سقوط نظام القذافي عام 2011، لما تنطوي عليه من تشابك بين العدالة والرمزية والتاريخ.

بدايات القضيّة ومسار التوقيف
في السادس من كانون الأول عام 2015، ظهر اسم هانيبال القذافي فجأة في بيروت بعد اختطافه من الأراضي السورية على يد مجموعة اقتادته إلى لبنان. وبعد أربعة أيام، سُلّم إلى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، ليبدأ فصل جديد من مسار طويل لم ينتهِ حتى اليوم.

وفي الرابع عشر من الشهر نفسه، استجوبه المحقق العدلي في قضية إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه القاضي زاهر حمادة، وأصدر بحقه مذكرة توقيف وجاهية لا تزال مفاعيلها قائمة حتى اليوم.

رغم أن هانيبال كان طفلًا في الثالثة من عمره حين وقعت الجريمة، توضح مصادر قضائية لـ «نداء الوطن» أن الادعاء عليه لا يرتبط بتاريخ ارتكاب الجرم الأصلي، بل باحتمال تدخله اللاحق في «الجرم المتمادي» منذ عام 1978، وبما يُنسب إليه من كتم معلومات جوهرية عن مصير الإمام ورفيقيه.

وخلال إحدى جلسات استجوابه، كشف القذافي الابن أن الإمام الصدر كان محتجزًا في منطقة جنزور – طرابلس الغرب حتى عام 1982، ثم نُقل إلى سبها ومنها إلى سرت. لكنه ربط الإدلاء بما لديه من معلومات إضافية بشرط الإفراج عنه، ما عزز قناعة القاضي حمادة بوجود معرفة دقيقة لديه بمسار القضية، انطلاقًا من موقعه داخل الدائرة الضيقة للنظام الليبي وارتباطه الوثيق بالملف اللبناني، خصوصًا بعد زواجه من سيدة لبنانية وتولّيه مسؤوليات مرتبطة بالشأن اللبناني.

تداعيات التوقيف
استند التحقيق اللبناني إلى قاعدة أن لدى هانيبال القذافي، بحكم موقعه العائلي والسياسي، معلومات أساسية يمكن أن تسهم في كشف الحقيقة، فتمّ توقيفه. غير أن عدم تعاونه مع القضاء أطال أمد احتجازه، وأدخل الملف في متاهة قانونية معقدة.

وفي عام 2017، وأثناء إحدى جلسات الاستجواب، تطاول القذافي على القاضي زاهر حمادة ووجّه إليه إهانات، ما دفع الأخير إلى الادعاء عليه. ومنذ ذلك التاريخ، لم تُعقد أي جلسة استجواب جديدة، لتأتي جلسة اليوم كأول مثولٍ له أمام المحقق العدلي بعد انقطاعٍ طويل عن مسار التحقيق.

وفي 21 آذار 2018، أصدرت المحكمة قرارًا بحبسه سنة وثلاثة أشهر وإلزامه بدفع غرامة مالية قدرها مليونا ليرة لبنانية، بتهمة تحقير القضاء والتهديد والذمّ بقاضٍ يتولى مهام التحقيق.

ولم تتوقف المناوشات القانونية هنا، إذ قدّم القذافي في 16 شباط 2016 طلبًا لنقل الدعوى من يد القاضي حمادة إلى قاضٍ آخر، بدعوى «الارتياب المشروع» بحياده، لكن الغرفة التاسعة برئاسة القاضي جان عيد ردّت الطلب في 12 حزيران 2017.

بعد هذه المرحلة، خيّم الجمود على الملف، قبل أن يعاود النشاط في ضوء تحركات لبنانية – ليبية مشتركة للتعاون القضائي. فقد طلب لبنان من طرابلس الغرب تسهيل التحقيقات مع أركان النظام الليبي السابق، فيما زوّد القضاء الليبي لجنة المتابعة برئاسة القاضي حسن الشامي ملفات تتضمّن اتهامات لهانيبال القذافي بارتكاب جرائم حرب ضد الثوار. هكذا، بدا أن مطالبة ليبيا باسترداده لا تهدف إلى إطلاق سراحه، بل إلى محاكمته على الجرائم المنسوبة إليه خلال مشاركته في حكم ليبيا معمر القذافي.

بين القانون وحقوق الإنسان… والاحتجاز
يثير ملف هانيبال القذافي جدلًا واسعًا في الأوساط القانونية والحقوقية، محليًا ودوليًا. فبحسب فريق الدفاع عنه، لا يجيز أي نص قانوني توقيف شخص إلى أجل غير محدد لمجرد امتناعه عن الإدلاء بمعلومات أو لاحتمال تورطه اللاحق في جرم الخطف.

ويصف هؤلاء احتجازه بأنه تعسّفي ومخالف لأحكام القانون اللبناني والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مطالبين بالإفراج الفوري عنه.

قبل ثلاثة أيام من موعد جلسة استجواب هانيبال القذافي المحددة في 17 تشرين الأول 2025، قدّم مكتب الدفاع عن القذافي، من بينهم المحامون جان بول لابورد، لوران بايون، ونسيب شديد، كتابًا إلى رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى، بصفتهم الضامن لسير العمل السليم للمؤسسة القضائية، يلفتون فيه انتباه المجلس إلى وضع هانيبال القذافي، المحتجز تعسفيًا في سجون لبنان منذ 14 كانون الأول 2015.

وتضمن الكتاب، الذي فسّره الطرف الآخر كجزء من الضغوط المتزايدة على المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة، إشارة واضحة إلى أن احتجاز هانيبال القذافي ينتهك المادتين 5 و9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مشيرًا إلى التجاهل الواضح للضمانات الأساسية التي يستحقها كل متهم، وفي مقدمها الحق في محاكمة عادلة خلال فترة زمنية معقولة أو الإفراج عنه.

كما تضمن الكتاب إبلاغ المجلس بإحالة القضية إلى فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي، مع التعبير عن قناعة الدفاع بضرورة وضع حد فوري لهذه الحالة التي تلطخ سمعة المؤسسة القضائية اللبنانية وأعضائها.

رد مصدر قضائي
ولكن مصدر قضائي يرد بانه سندًا للمادة 4 من قانون القضاء العدلي: «يسهر مجلس القضاء الأعلى على حسن سير القضاء وعلى كرامته واستقلاله وحسن سير العمل في المحاكم ويتخذ القرارات اللازمة بهذا الشأنٌ».ويضيف المصدر «انطلاقا من أحكام هذه المادة، يمكن لأي شخص أو متقاض أن يتقدم بأي كتاب الى مجلس القضاء الأعلى بموضوع يتعلق بقضية مطروحة أمام القضاء على أن لا يكون موضوع المراجعة يتعلق باساس القضية». ويختم بأن «مجلس القضاء الاعلى لم ولن يتدخل بأساس أي ملف قضائي، ولكنه يسهر ويراقب حسن سير القضاء في القضية المطروحة، وذلك في حال وجود عقبات بهدف تزليلها تمهيدا للبت بالقضية دون التدخل في اساس النزاع».

في المقابل، يعتبر الفريق القانوني الممثل لعائلة الإمام الصدر ورفيقيه، أن القذافي جزء من منظومة النظام التي أخفت الإمام ورفيقيه، وأن من واجب القضاء اللبناني أن لا يفرّط بما من شأنه المساعدة في كشف مصير المخفيين قسرًا.

وفي خضم هذا التجاذب، تكشف مصادر قضائية لـ «نداء الوطن» أن القاضي حمادة سيضع على طاولته، خلال جلسة الاستجواب المرتقبة، طلب إخلاء سبيل القذافي المقدّم منذ 4 حزيران 2025.

وإذا تبيّن من إفادته أنه يبدي تعاونًا حقيقيًا ومعلومات مفيدة في كشف مصير الإمام ورفيقيه، فقد يوافق القاضي على إطلاق سراحه. إذ لا يمكن في المرحلة الراهنة الادعاء عليه أو إحالته إلى المحاكمة أمام المجلس العدلي، لأن مثل هذا الإجراء يُعدّ بمثابة ختمٍ للتحقيق في ملف الإمام الصدر، وإحالته إلى النيابة العامة التمييزية لإبداء مطالعتها تمهيدًا لإصدار القرار الاتهامي وإرسال الملف إلى المجلس العدلي بما يتضمّنه من معطيات، وهو ملف ما زال حتى الآن يقتصر فعليًا على توقيف هانيبال القذافي. وذلك، وسط إشارة المتابعين، إلى حرص القضاء اللبناني على عدم الإبقاء على القذافي مسجونًا بما يتخطى السقف القانوني الذي يمكن أن يدان به، والذي فسره قانونيون بحدود 15 سنة سجنية، (بجرم التدخل اللاحق بجرم الخطف) ليؤكدوا وخلافًا لرأي فريق الدفاع عن القذافي، أن الاحتجاز «قانوني»، من حيث الشكل، وإن كان إشكاليًا من حيث المضمون، ويخوّل المحقق العدلي الإبقاء على توقيف القذافي لما يزيد عن سنة.

بين الحرية والحقيقة… ميزان العدالة اللبناني
اليوم، ستسود العدلية أجواء من الترقّب والحذر. فملف الإمام الصدر ليس مجرد قضية قضائية، وأي خطوة غير محسوبة قد تُفسَّر مسًّا برمزيته، وتنكّرًا للحق التاريخي في معرفة الحقيقة.

في المقابل، فإن الإبقاء على هانيبال القذافي موقوفًا إلى أجل غير محدد يضع القضاء اللبناني تحت مجهر المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية.

وبين مطلب العدالة للإمام المغيّب ونداءات الإفراج عن نجل القذافي، يقف ميزان العدالة في اختبار صعب ومعقد، حيث تمرّ الحرية، كما يردد المعنيون، عبر قول الحقيقة.

وربما تكون هذه الحقيقة، إن قرّر هانيبال البوح بها، أو توصّل المحقق العدلي إلى تكوينها هي الطريق الذي يعيد القذافي إلى الحرية!

عائلة الصدر
وليل أمس أصدرت عائلة الصدر بيانًا جاء فيه «أنَّ السلطات اللبنانية تسلَّمت القذافي الإبن، المدَّعى عليه بجرائم عديدة في ليبيا، وأصدرت بحقه مذكرة توقيف بأمر من النائب العام التمييزي سمير حمود عام 2015 تنفيذًا لإشارة الإنتربول، وأنَّ القضاء اللبناني استمع إليه كشاهد في قضية الإمام كونه كان ضابطًا في جيش النظام الليبي السابق، وجزءًا من النظام الأمني لوالده، ومشرفًا مباشرًا على عدد من السجون السرية، وعندما تبيَّن أنَّ لديه الكثير من المعلومات، قال أنها هامة، عن القضية، متعمدًا الامتناع عن الإدلاء بها إلاّ بعد إخلاء سبيله، أوقفه المحقق العدلي بجرم كتم المعلومات

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق جوزاف عون الرئيس بين الممانعين والسياديين
التالى يزبك: المجلس النيابي هو مجلس الشعب