أخبار عاجلة

لبنان يتمسك بالتفاوض غير المباشر: حماية للثوابت وتفادٍ لفخ التطبيع

لبنان يتمسك بالتفاوض غير المباشر: حماية للثوابت وتفادٍ لفخ التطبيع
لبنان يتمسك بالتفاوض غير المباشر: حماية للثوابت وتفادٍ لفخ التطبيع

كتب داود رمال في “الأنباء الكويتية”: 

قال مصدر سياسي لبناني رفيع لـ”الأنباء إن موقف لبنان الرافض لأي تفاوض مباشر مع إسرائيل «لا يعبر عن تصلب ديبلوماسي أو عن هروب من استحقاقات الواقع الإقليمي، بل هو خيار محسوب بدقة يستند إلى اعتبارات وطنية وسياسية عميقة تتصل بمفهوم السيادة، وبتوازن الداخل اللبناني، وبالمخاطر التي يمكن أن تترتب على أي انزلاق نحو مسار يفهم منه تطبيع مقنع. فالقرار الرسمي الواضح هو التمسك بآلية التفاوض غير المباشر، سواء عبر اللجنة الخماسية المنبثقة عن تفاهم وقف إطلاق النار الأخير أو من خلال الجولات المكوكية التي يقوم بها الوسيط الأميركي”.

وأضاف المصدر: “يستعيد لبنان، في مقاربته لهذا الملف، تجارب ناجحة في إدارة النزاع مع إسرائيل، من دون أن يتجاوز الخطوط السياسية والدستورية الفاصلة، وفي مقدمتها تجربة ترسيم الحدود البحرية التي شكلت نموذجا واضحا للتفاوض غير المباشر المنتج. فالدولة اللبنانية ترى أن هذا النمط من المفاوضات يحافظ على الشكل القانوني والسيادي، ويتيح في الوقت نفسه معالجة القضايا التقنية والأمنية والحدودية بمرونة، من دون أن يتورط لبنان في التبعات السياسية التي يمكن أن تترتب على الجلوس المباشر مع العدو”.

وفي قراءة المصدر، “فإن الإصرار الإسرائيلي على المفاوضات المباشرة ليس بريئا، إذ يرمي إلى كسر الحاجز النفسي والسياسي الذي يفصل بين الصراع والتطبيع، وإلى إحراج الدولة اللبنانية أمام المجتمع الدولي عبر تصوير رفضها للحوار المباشر كتعطيل لمسار السلام. أما بيروت، فترى في هذا الطرح محاولة لفرض واقع سياسي جديد يتجاوز القرار 1701 وآليات الأمم المتحدة، ويختزل القضية الأمنية بمسار تفاوضي غير متكافئ، في حين أن المطلوب هو تطبيق القرارات الدولية واتفاقية وقف الأعمال العدائية بحذافيرها، لا فتح قنوات جديدة تخلط بين التهدئة والتطبيع”.

وأشار المصدر إلى “أن التعقيد في الموقف اللبناني لا يعود فقط إلى الحسابات الخارجية، بل إلى التوازنات الداخلية الدقيقة التي تجعل من أي انحراف عن قاعدة التفاوض غير المباشر مدخلا لانقسام وطني خطير. فالقوى السياسية، وعلى رغم تباين قراءاتها، تلتقي على رفض أي شكل من أشكال الحوار المباشر الذي قد يضع لبنان في خانة الدول الموقعة على اتفاقات سلام، وهذا ما يتعارض مع الإجماع الوطني حول اعتبار إسرائيل دولة معادية. كما أن «الثنائي الشيعي» يرفض من حيث المبدأ أي خطوة يمكن أن تضعف موقع المقاومة أو تمنح العدو شرعية سياسية ضمنية”.

ويرى المصدر “ان لبنان يدرك أن التفاوض بات واقعا لا يمكن تجاهله في زمن التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة، لكنه يفرق بين إدارة النزاع وحله. فإدارة النزاع تتم عبر وساطات دولية تحفظ الحد الأدنى من التوازن، فيما الحل الشامل لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار تسوية عربية جماعية وفق مبادرة السلام العربية، لا عبر تفاوض ثنائي مباشر يفتح الباب أمام التطبيع المنفرد”.

وختم المصدر بالقول: “التمسك اللبناني بالآلية غير المباشرة هو تعبير عن رؤية استراتيجية تؤكد أن لبنان لا يملك ترف المغامرة بسيادته الرمزية ولا التلاعب بثوابته التاريخية. فالمفاوضات بالنسبة إلى الدولة اللبنانية هي وسيلة لحماية مصالحها، لا منصة لتغيير موقعها من الصراع العربي – الإسرائيلي. ولهذا فإن كل المسارات ستبقى محكومة بوسيط دولي يضمن التوازن ويصون الحدود بين التفاوض المشروع والتطبيع المرفوض”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اتفاقية الهدنة مرحلة انتقالية ولا مفر من الحصرية
التالى بالفيديو: مسيّرة إسرائيلية تستهدف جرافة في الخيام