كتبت إيفانا الخوري في “نداء الوطن”:
من ملاعب كرة السلّة إلى عالم الأعمال والمدارس والنشاطات اليوميّة، بات أصحاب الإعاقة يخوضون غمار الحياة اليوميّة في لبنان وسط مساعٍ لتحسين عملية الدمج وجعل مناطق تواجدهم مكيّفة بطريقة تحفظ لهم كرامتهم لا سيّما عند التنقل من وإلى وفي أماكن العمل أو النشاط.
وإن كان لبنان بدأ العمل ولو بشكل خجول لتأمين احتياجات ذوي الإعاقة، فإن عملية تنقلهم ما زالت صعبة لا سيّما أن وسائل التنقل اليومية غير مجهّزة لذلك. وإن كان بعض باصات النقل العامة الحديثة يؤمّن لهم فرصة للتنقل إلّا أن غياب محطات الانتظار المُكيّفة مع حاجاتهم والأرصفة الضامنة لتنقلهم يعرقل هذه العملية.
ومن صلب الحاجة لهذا الحق البديهي، حوّل شربل دغفل، مؤسّس Wheelchair Taxi معاناته اليومية إلى فرصة تفيد من يعانون مثله. يقول لـ “نداء الوطن” إنه وقبل 25 سنة تعرّض لحادث سير أفقده القدرة على المشي والحركة من دون كرسيّ متحرك ما دفعه إلى تكييف سيارة في لبنان لتلائم حاجاته وتنقله من منطقة إلى أخرى، غير أن تجربته الأولى لم تكن ملائمة ولا آمنة بنسبة 100 %.
يتابع دغفل، أن العام 2010 كان علامة فارقة في حياته حيث وجد سيارة في معرض للسيارات سويسرية الصنع مجهّزة لنقل أصحاب الإعاقة عبر كراسيهم، لكنه لم يتخيّل أن يؤسّس شركة تاكسي مخصّصة لنقل أصحاب الإعاقات لاحقًا. ويكشف أن الفكرة بدأت عام 2016 حين اتصلت به صديقته لتخبره أن والدتها أصيبت بالشلل لكن لا قدرة لنقلها يوميًا ولا طريقة أيضًا إلى مركز العلاج الفيزيائي. من هنا، قرّر شراء سيارة مخصّصة لنقلها ونقل كلّ من يعاني المعاناة نفسها حتى يحصل الجميع على علاجهم وكي لا يبقى شخص “مزروب بالبيت بسبب وضعه” على حدّ تعبيره.
شيئًا فشيئًا، بدأت مبادرة دغفل تكبر، باتت لديه 4 سيارات تؤمّن بالحدّ الأدنى تنقل 10 إلى 15 شخصًا يستعملون الكراسي المتحركة يوميًا. يتمكّنون من الوصول إلى أماكن عملهم، المشافي، المطاعم والمناسبات الاجتماعية والمدارس والجامعات وهم على كراسيهم في سيارات آمنة تضمن لهم التنقل براحة وكرامة. ويشير دغفل إلى أن العملية لا تشمل فقط الأشخاص غير القادرين على الحركة بل الأطفال وكبار السن الذين يستخدمون الكراسي المتحركة أيضًا.
ويلفت دغفل إلى أن في لبنان الكثير من الأشخاص الذين يستخدمون الكراسي المتحرّكة والحاجة إلى هذا النوع من السيارات كبيرة غير أن عمله يغطّي فقط منطقة المتن وكسروان وبيروت وجبيل. وفي السياق، يشدّد على أن الحاجة أكبر وأنه يطمح إلى تغطية مناطق كالشوف وصيدا والجنوب والشمال والبقاع غير أن الأزمة الاقتصادية تؤخر ذلك مع أن الطموح كبير والحاجة أكبر.
يختم دغفل بالقول إن سيّاراته سمحت لأشخاص بقوا سنوات في المنزل بالخروج والتنقل وتأدية نشاطات حياتهم اليومية، وهذه العملية ساهمت في دمج أصحاب الإعاقات بالمجتمع وجعلت منهم أشخاصًا منتجين يساهمون بالعجلة الاقتصادية وهذا حقهم. فهل تتعمّم التجربة أكثر لتشمل أشخاصًا ينتظرون فرصة لكتابة قصّتهم؟




