كتب غاصب المختار في “اللواء”:
كلما خرج لبنان من مشكلة سياسية داخلية، يدخل أزمة سياسية أكبر، نتيجة الانقسامات حول كل الملفات إجمالاً صغيرها وكبيرها، وباتت الحكومة اسيرة تجاذبات وخلافات عند كل مفصل او استحقاق إجرائي أو إداري أو سياسي أو أمني، ما بات يؤثر على انتاجيتها وربما على مصيرها، لا سيما في حال تأجّلت الانتخابات النيابية المقبلة في أيار كما يتردد وكما يسعى البعض، بحيث قد تصبح معرّضة للإنفراط ويتم تشكيل حكومة جديدة أكثر انسجاماً تتولى إدارة الأزمة والاستحقاق الانتخابي وغيره من استحقاقات داهمة.
وبنظر بعض الأطراف السياسية، فقد ظهر من خلال ما جرى خلال الأسابيع القليلة الماضية، ان الحكومة لا تعالج الأمور الملحّة بصورة صحيحة. من الخلافات حول ملف قانون الانتخابات ورمي الكرة في ملعب الحكومة، وحول إضاءة صخرة الروشة، وقبل كل ذلك من طريقة إدارة الحكومة لملف الاحتلال الإسرائيلي للجنوب وإعادة الاعمار والتعويض على المتضررين، واستكمال مسار الإصلاح المالي وقضية المودعين بشكل خاص، ومن ثم في ما تضمنته موازنتا العامين 2025 و2026 من رسوم على المواطنين في كل أمور حياتهم رفعت نسبة الغلاء وفاقمت الأزمة المعيشية ما رفع شكوى الفعاليات النقابية. وبرأي هؤلاء انه كان يمكن تأجيل البندين والبنود العادية الأخرى الى جلسة الخميس، وتركيز الجلسة على خطة الجيش حول جمع السلاح والاجراءات الي ينفذها في الجنوب.
على هذا بات يُخشى أن تتحوّل جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم، الى «حلبة ملاكمة سياسية»، وهي المخصصة أصلاً لعرض خطة الجيش، ومن ثم إضافة بندي في أول جدول الأعمال: سحب ترخيص جمعية «رسالات» لمخالفتها طلب إضاءة صخرة الروشة وتعميم رئيس الحكومة وإذن محافظ بيروت، وعرض وزير العدل لمسار التحقيقات القضائية في مخالفة قرار رسمي وتسطير بلاغات بحث وتحرّي عن القائمين بالعمل. إضافة الى سبعة بنود أخرى بينها البند رقم 3 ونصّه: «عرض قيادة الجيش التقرير الشهري حول خطة حصر السلاح في المناطق اللبنانية كافة، إنفاذاً لقرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 5/9/2025».
ووفق مصادر معنية بجلسات مجلس الوزراء، فإن البندين الأول والثاني سيثُيران جدلاً ونقاشاً خلال جلسة الإثنين لا أحد يعلم الى أي مدى قد يصل الخلاف حولهما.. وهل تحصل انسحابات للوزراء المحسوبين على ثنائي أمل وحزب الله، لا سيما بعد مواقف نائبي كتلة حزب الله حسن فضل الله وعلي المقداد من إلغاء ترخيص الجمعية ومخاطبة رئيس الحكومة نواف سلام بلهجة حادّة (بِلّ قرار إلغاء الترخيص وشراب ميتو).
وتتوقع المصادر صعوبة التوصل الى مخارج للتهدئة بدل التصعيد ما لم تتخذ في الجلسة قرارات غير صارمة أو غير حادّة. ولكنها أكدت أن رئيس الجمهورية جوزاف عون سيحاول احتواء أي خلاف أو انقسام في الجلسة كما هي العادة، ووضع الأمور في نصابها القضائي والإداري القائم، حرصاً على تماسك الحد الأدنى للوضع الحكومي.
وأكدت المصادر أن التدبير الإداري بسحب رخصة جمعية «رسالات» أمر إداري قد يمرّ ولو بتصويت أكثرية الوزراء، لكن يُخشى من انعكاساته السياسية وردّة الفعل على قرار إلغاء الترخيص، بحيث تستمر أجواء التوتر السياسي الداخلي والاستنفار الشعبي والطائفي والمذهبي. الأمر الذي يفترض التعاطي بحكمة ومسؤولية وطنية مع الموضوع، خاصة بعد انعدام التقارب والتفاهم بين رئيس الحكومة وحزب الله ليس على ملف إضاءة صخرة الروشة فقط بل على ملفات أخرى تتعلق بشكل خاص بملف الجنوب ككل والتعامل مع الطلبات الأميركية والإسرائيلية لوقف الأعمال العدائية والانسحاب من النقاط المحتلة وتحرير الأسرى اللبنانيين، الذين زاد عددهم بعد اعتقال الاحتلال الإسرائيلي الناشطَين المشاركَين في أسطول الصمود لفك الحصار عن قطاع غزة لينا الطبال ومحمد القادري، علماً ان وزارة الخارجية أجرت الاتصالات اللازمة مع الجهات المعنية لإطلاق سراحهما.. لكن هل يوافق كيان الاحتلال؟
وهكذا… كلّما مرّ قطوع سياسي أو أمني يظهر قطوع آخر، فيما لا يبدو ان في الأفق أي مخرج نتيجة التصلب في المواقف وتحويل بعض القضايا من إجرائية يمكن التفاهم عليها، الى قضية ذات وجهة شخصية أو طائفية.
أخبار متعلقة :