كتبت نوال برّو في “نداء الوطن”:
تتزامن الذكرى الأليمة لحرب 7 أكتوبر مع ترقب دولي لمصير قطاع غزة، الذي يوشك أن يكمل عامه الثاني تحت وطأة الإبادة الجماعية. ومع ذلك، بدأت تظهر مؤشرات إيجابية على مسار التسوية بعد الإعلان عن موافقة أولية لكل من إسرائيل و”حماس” على المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار، لكن انتهاء حرب غزة لا يعني السلام في المنطقة، حيث قد تستمر عملية تصفية الحسابات بين المحور الأميركي – الإسرائيلي والمحور الإيراني وحلفائه.
تزامنًا، تواصل إسرائيل ضرباتها اليومية على جنوب لبنان. ولا يخفي محللون لبنانيون مخاوفهم من أن تكون نهاية حرب غزة مجرد “تحرير للجبهة” لتمكين إسرائيل من التفرغ للتهديد الثاني أي “حزب الله”، ما يعني أن لبنان قد يشهد مجددًا حربًا مدمرة.
من هنا، كيف ستكون الصورة في الشرق الأوسط بشكل عام؟ وما موقع لبنان ضمن كل تلك التطورات؟
في السياق، يقرأ العميد المتقاعد عادل مشموشي رد “حماس” الأخير على المقترح الأميركي بـ “الخطوة الجريئة”، خاصة أنه أخذ بالاعتبار “التفاوت الكبير في القدرات العسكرية بين الطرفين والخسائر الكبيرة، إضافة إلى ما تشهده المنطقة من أنشطة دبلوماسية بغية الوصول إلى حل الدولتين”. وأكد أنه “بمجرد تنفيذ الاتفاق المذكور سترتفع أسهم التوصل إلى حل الدولتين، لا سيما أن الإسرائيليين والأميركيين أدركوا ضمنيًا استحالة التخلص من الفلسطينيين، وأن لا مفرّ في النهاية من حلّ الدولتين”، الذي وإن لم يكن عادلًا تمامًا، ولكنه “يمنح الفلسطينيين الحد الأدنى من الكرامة”.
ولا يطمئن إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة إلى أن السلام سيعم في الشرق الأوسط، فوفقًا لمشموشي، “تسعى إسرائيل لتقوية دفاعاتها الجوية، تمهيدًا لاحتمال حرب على إيران يمكن تبريرها بذرائع مختلفة. في الوقت نفسه، يضغط المجتمع الدولي على الوكالة الذرية للكشف على المنشآت النووية الإيرانية لتقدير الخسائر ومصير اليورانيوم المخصب، فيما تتجاوز مخاوف أميركا وإسرائيل النووي لتشمل الصواريخ الاستراتيجية الإيرانية المهدِّدة لدول أخرى”. هذه المعطيات قد تشير إلى أن “الذرائع كثيرة وما جرى في حزيران الماضي هو فصل من حرب لم تنتهِ بعد، وقد تتسع بمشاركة دول غربية أخرى”، بحسب مشموشي.
وبالسؤال عن موقع لبنان وسط الأحداث المتسارعة، يسلّط مشموشي الضوء على أمر خطير وهو أن “إسرائيل حشدت أخيراً نحو 6 فرق جديدة بالإضافة إلى تلك المستخدمة في حرب غزة، والتي لم تعد ضرورية بعد تقويض قدرات حماس”، ما يشير إلى أنها “تُجهَّز لاحتمال هجوم على لبنان لإزالة تهديد “حزب الله”، خاصة وسط تخبط داخلي لبناني يعيق حصر السلاح بيد الجيش، ما يمنح إسرائيل ذريعة لتجديد الحرب”. ويتطرق مشموشي إلى مشهدية الروشة معتبرًا إياها أسوأ مشهدية تدلّ على عجز الحكومة عن تنفيذ قراراتها وهي “ما وضعتنا في موقع أخطر”.
أمام هذا الواقع، يتحدث مشموشي عن سيناريوين محتملين: “إما أن تشنّ إسرائيل حربًا على لبنان أولًا للقضاء على ما تبقى من قدرات “حزب الله”، أو أن تشنّ حربًا على إيران وتترك قدراتها جاهزة في حال تدخل “حزب الله” بين إسرائيل وإيران وهو ما قد يشكل انتحارًا ونكبة للبنان”، على حدّ قوله.
وفي ختام حديثه، يطالب مشموشي “حزب الله” بالاستفادة من عبر الماضي والتخلي عن تعنته، طالما أن الفارق كبير في القدرات العسكرية بينه وبين إسرائيل، معتبرًا أنه “لن ينفع بعد اليوم إلا استغلال العلاقات والصداقات الدبلوماسية للبنان لتجنيبه سيناريو الحرب”.
إذًا، الحرب قد لا تكون بعيدة عن لبنان وتسوية غزة ليست نهاية المطاف، بل قد تكون نقلة لإسرائيل على رقعة الشطرنج الإقليمية في مرحلة تتطلب الحذر لتجنب تصعيد جديد.
أخبار متعلقة :