كتبت ديزي حوّاط في “نداء الوطن”:
يدور ملف النفايات في لبنان مجدّدًا في دوّامة الترقيع، بعد قرار إعادة فتح مطمر الجديدة موقتًا إلى حين صدور قرار من مجلس الوزراء يقضي بتوسعته، في خطوة يرفضها نوّاب المتن وبلدية الجديدة – البوشريّة – السد رفضًا قاطعًا.
وأُدرج ملف مطمر الجديدة الصحّي كبندٍ أوّل على جدول أعمال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، المقرّرة غدًا الخميس الثالثة بعد الظهر، لاستكمال البحث في واقعه وربّما إمكان التوسعة.
وتتجه الأنظار إلى هذه الجلسة لمعرفة ما إذا كانت الحكومة، التي عُرفت في الآونة الأخيرة بقراراتها الحاسمة، ستواصل النهج نفسه في القضايا الاجتماعية، فتقترن مواقفها السياسية، ولا سيّما في ملف حصر السلاح، بقرارات عملية تعالج الأزمات المعيشية وعلى رأسها أزمة النفايات.
الرهان اليوم على أن تعتمد الحكومة حلًّا جذريًا طويل الأمد، علميًّا وصحيًّا، يحافظ على بيئة المنطقة وطابعها الاقتصادي والسياحي، بدل الاكتفاء بتوسعة المطمر إلى أجلٍ غير مسمّى ومن دون أفق واضح.
وعلى أمل ألّا يُسحب الملف من التداول هذه المرّة، كما جرت العادة كلّما وصل إلى طاولة مجلس الوزراء، فيبقى مطمر الجديدة عالقًا بين قرارات مؤجّلة ومعالجات ظرفيّة لا تُبقي من “السياسة البيئية” سوى اسمها.
وبينما ينتظر صدور قرار رسميّ من مجلس الوزراء لتوسيع المطمر، تفاديًا لعودة النفايات إلى شوارع العاصمة بيروت والمتن وكسروان في مشهد يذكّر بأزمة 2015، أعلنت شركة “رامكو” توقفها عن جمع النفايات بعد بلوغ المطمر قدرته الاستيعابية القصوى. لكن إدارة المطمر وافقت لاحقًا على طلب مجلس الإنماء والإعمار بإعادة فتحه موقتًا أمام آليات الشركة، ما سمح لـ “رامكو” باستئناف عملها ابتداءً من الساعة الخامسة من مساء أمس الثلثاء.
وفي بيان رسميّ، أوضحت الشركة أنها تبلّغت من مجلس الإنماء والإعمار استئناف استقبال النفايات وتخزينها موقتًا، إلى حين صدور قرار حكومي جديد. وكان المطمر قد توقف عن استقبال الشاحنات بعد امتلاء خلاياه بالكامل، فيما جرى تجهيز مساحة جديدة تحتاج إلى قرار وزاريّ ورأي استشاري من وزارة البيئة قبل استخدامها.
في المقابل، يرفض المتنيّون توسعة المطمر رفضًا قاطعًا. وقد أكّدت بلدية الجديدة – البوشرية – السدّ أكثر من مرة رفضها “التوسعة من دون أفق”، معتبرة أن أي خطوة مماثلة ستؤدي إلى تمديد المعاناة إلى أجل غير مسمّى.
وكتب النائب فريد هيكل الخازن عبر منصّة “إكس” أن “إقفال مطمر الجديدة بهذا الشكل سيغرق كسروان بالنفايات، وهذا أمر غير مقبول”، مناشدًا رئيس الحكومة نواف سلام والوزراء المختصين إيجاد حلّ فوري.
أما النائب إبراهيم كنعان فاعتبر أن “المعادلة بين مطامر الموت والنفايات في الشوارع مرفوضة”، واصفًا الأزمة بأنها “جريمة بيئية وصحّية مستمرّة منذ أكثر من عشر سنوات”، داعيًا إلى خطة شاملة بدل الحلول الترقيعية.
بدوره، رأى النائب رازي الحاج أن ما يجري هو “ابتزاز علني لأهل المتن وكسروان وبيروت”، مشيرًا إلى أن “مطمر الكوستا برافا لا يزال لديه أربعة أشهر من القدرة الاستيعابية، فيما مطمر الناعمة هو الوحيد الصحّي القائم فعليًا”، مطالبًا رئيس الحكومة بالتدخل الفوري.
وقد أوضحت بلدية الجديدة في حديثٍ لـ “نداء الوطن” استغرابها لعدم تطبيق آلية “المبادلة” أو ما يُعرف بـ “swapping” بين مطمري الجديدة والكوستا برافا.
وتساءلت عن سبب عدم السير حتى الآن بهذه الآلية وهي التي جرى العمل بها سابقًا لمدة أربعة أشهر، حيث كانت نفايات منطقة الكوستا برافا تُنقل إلى مطمر الجديدة، على أن يُصار اليوم إلى تبادل الأدوار وفق الاتفاق السابق، بحيث تُنقل نفايات المتن إلى الكوستا برافا موقتًا، بانتظار الحل النهائي.
واعتبرت البلدية أن مطمر الجديدة تحمّل عبء النفايات عن سائر المناطق في السابق، لكن عندما حان الوقت لتبادل الأدوار، لم يُبت بالموضوع حتى الآن.
وتعتبر البلدية أن رفض السير بهذه الآلية يطرح علامات استفهام حول ازدواجية المعايير في التعاطي مع أزمة النفايات، وتشير إلى أن مطمر الجديدة تحمّل على مدى سنوات أكثر من طاقته، بدل الاكتفاء بالحلول الترقيعية التي لا تلبث أن تُعيد الأزمة إلى الواجهة.
إلّا أن الملف لا يزال عالقًا بين الجهات المعنية، وسط امتلاء المطمر الحالي وضغط بيئي متزايد، بين خيارين أحلاهما مرّ: توسعة المطمر أو تقبّل مشهد النفايات في الشوارع.
وبين هذين الخيارين، يبدو أن لبنان يعيش حلقة جديدة من سياسة الترقيع المزمنة في ملف النفايات.
أخبار متعلقة :