موقع دعم الإخباري

هل ينضم “الحزب” إلى مفاوضات التسوية الشاملة في المنطقة؟

كتبت منال زعيتر في “اللواء”:

بمجرد ظهور بوادر الاتفاق على انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، تلقّى لبنان الرسمي ما يشبه الإنذار بان «لبنان بعد غزة»، وهنا بيت القصيد، فالتفسير الذي وضعه المعارضون للحزب لهذه الرسالة يقول بأن هناك حرب كبرى آتية على لبنان، ان لم يمتثل حزب الله لتسليم سلاحه، ولكن على المقلب الدبلوماسي ونقلا عن شخصيات رفيعة المستوى فان انتهاء الحرب في غزة ليس بالضرورة أن ينعكس سلبا على لبنان بل العكس صحيح، إذ ان التهويل بالحرب وتوسعة العدوان قلّت مفاعيله عمليا بعد أن بدات بالتوازي مع بدء التفاهمات على وقف الحرب في غزة حركة دبلوماسية ناشطة تقودها فرنسا مع دول عربية بمباركة أميركية مشروطة وحضور إيراني غير معلن، لإلزام العدو الإسرائيلي بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701، بموازاة دعم الجيش اللبناني لتطبيق خطته لحصر السلاح جنوب الليطاني، بالتزامن مع الحديث عن مساعي لترتيب مفاوضات مباشرة بين حزب الله وعدد من الدول العربية والغربية حول ملف سلاحه… فيما أهم نقطة كشفت عنها المصادر في هذا السياق هي سعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لطرح مشروع حل جديد غير «ورقة برّاك» لإنهاء الصراع بين لبنان والعدو الإسرائيلي لاستكمال التهدئة والسلام في الشرق الأوسط حسب زعمه.

وفيما تبدو هذه التطمينات مناقضة بشكل كامل لما يتم تداوله عن خطة «إسرائيلية – أميركية» للضغط عسكريا على لبنان بعد انتهاء الحرب في غزة، لفرض تطبيق «حصر السلاح» بالقوة في المرحلة الفاصلة عن نهاية السنة الحالية، إلّا ان المصادر الدبلوماسية أكدت بان المسعى الحالي لا يعني توقف العدوان على لبنان، ولكن بالحد الأدنى منع توسّعه، والبدء بمفاوضات جدّية جدا مع حزب الله عبر وسطاء للتفاهم على آلية لتسليم سلاحه والتحوّل الى حزب سياسي بشكل كامل.

وفي هذا السياق، كشفت المصادر الدبلوماسية عن معلومات مسرّبة عن مفاوضات بدأت بين الحزب ودول عربية وغربية فاعلة حول ملف السلاح تحديدا، وعن الضمانات التي يريدها للتخلّي عن سلاحه، علما ان الرسائل التي وصلت للحزب في هذا الشأن لم تتوقف منذ إعلان اتفاق وقف اطلاق النار في تشرين الثاني الفائت، وكان رد الحزب واضحا عن ان البحث في حصرية السلاح ضمن استراتيجية الأمن الوطني حصرا لن يتم قبل انسحاب العدو من النقاط اللبنانية المحتلة ووقف الخروقات وتنفيذ الاتفاق 1701 بحذافيره واستعادة الأسرى والبدء بإعادة الإعمار.

وأضافت المصادر ان رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني وخلال زيارته الأخيرة الى بيروت تلقّى من مرجع لبناني كبير طلبا واضحا بأن يكون لبنان حاضرا في أولويات أي مفاوضات تجريها طهران مع القوى الكبرى، فجاء رد لاريجاني حاسما بقوله ان «إيران لن تتخلّى عن لبنان».

والخطير فيما كشفته المصادر هو ان لبنان سيشهد خلال الأسابيع المقبلة حركة زيارات وموفدين عرب وأجانب في محاولة للاتفاق مع الدولة اللبنانية على «آلية جديدة» لتثبيت اتفاق وقف اطلاق النار، وتحمل في طياتها تعديلا واضحا للقرار 1701 بما يضمن التزام كل من لبنان والعدو الإسرائيلي بضمانات متبادلة لمنع أي تصعيد، في نوع من التمهيد لإجراء مفاوضات غير مباشرة بينهما في مرحلة لاحقة.

وعليه، فان لبنان يمرُّ في مرحلة دقيقة جدا، فإما أن يدخل في تسوية شاملة بعد دخول أطراف جديدة على خط الوساطة لإيقاف العدوان الإسرائيلي نهائيا وتثبيت الاستقرار، واما أن يدخل مجدّدا في المجهول إذا ما فشلت لغة الدبلوماسية في استباق التصعيد الذي يلوّح به العدو.

أخبار متعلقة :