موقع دعم الإخباري

إسرائيل تسعى إلى التفاوض المباشر.. ولبنان الرسمي يرفض

كتب داود رمال في “الأنباء”:

شكل العدوان الإسرائيلي على منطقة المصيلح في الجنوب اللبناني ضربة عسكرية ومحطة جديدة وخطيرة في سجل الانتهاكات اليومية للقرار 1701. واعتبر في توقيته ومكانه وطبيعته رسالة عسكرية وسياسية مركبة بأبعادها المحلية والإقليمية.

فاستهداف الورش والمعدات المخصصة لرفع الأنقاض وإعادة الإعمار لم يكن محض صدفة أو خطأ ميداني، بل يندرج ضمن سياسة إسرائيلية ثابتة تقوم على منع أي عملية نهوض حقيقي للجنوب اللبناني، وإبقاء مشهد الدمار مفتوحا كجزء من الضغط السياسي والنفسي على اللبنانيين. فكما حاولت ان تفعل بعد حرب يوليو 2006، ها هي إسرائيل تجدد رسالتها بأن إعادة الإعمار ليست حقا إنسانيا، بل ورقة تفاوضية تستخدمها في لعبة الشروط المسبقة.

وقال مصدر سياسي لبناني رفيع لـ«الأنباء»: «رمزية المكان كانت أشد وقعا من طبيعة الهدف، إذ إن العدوان وقع على بعد عشرات الأمتار من دارة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الرجل الذي شكل تاريخيا نقطة التوازن بين المقاومة والدولة، والواجهة السياسية الأبرز في الدفاع عن الجنوب وعن تطبيق القرار الدولي 1701. وبري، الذي لم يتوقف في لقاءاته مع الموفدين العرب والدوليين عن المطالبة بتعويض المتضررين وتسريع إعادة الإعمار، تلقى في الواقع رسالة مزدوجة من إسرائيل مفادها أن كل حديث عن إعادة إعمار أو تثبيت للقرار 1701 لا يمر إلا عبر مقاربة جديدة تفرضها القوة، وأن إسرائيل لا تريد العودة إلى الالتزام باتفاق وقف الأعمال العدائية، بل تسعى إلى فرض اتفاق جديد قوامه التفاوض المباشر، وهذا ما يرفضه لبنان الرسمي رفضا قاطعا».

وتابع المصدر: «الأخطر أن هذا العدوان يأتي في لحظة إقليمية دقيقة، عقب التوصل إلى اتفاق حول غزة في شرم الشيخ، بما يوحي بأن إسرائيل قررت فتح صفحة جديدة في استراتيجيتها الإقليمية عنوانها التفاوض تحت النار. فبعد أن أغلقت ملف غزة مرحليا بالاتفاق الذي رسمت خطوطه برعاية مصرية وأممية، تسعى الآن إلى تحويل لبنان إلى ساحة الضغط المقبلة، مستخدمة لغة التصعيد الميداني كأداة تفاوض مسبقة، وهي محاولة إسرائيلية مكشوفة لإعادة رسم معادلات الردع عبر رسائل محددة الاتجاه تقوم على ان لا إعمار من دون شروط، لا تهدئة من دون تفاوض مباشر، ولا جنوب آمن من دون تسوية جديدة تفرضها القوة لا القرار الدولي».

واعتبر المصدر انه «بهذا المعنى، لم يكن عدوان المصيلح انتهاكا روتينيا، بل خطوة محسوبة في سياق سياسي وأمني معقد، يؤكد أن إسرائيل لم تغير عقيدتها العدوانية ولا نظرتها إلى لبنان كخاصرة ضعيفة يمكن استثمارها كلما تبدلت موازين القوى في الإقليم. لكن الثابت أن الجنوب الذي خرج من تحت الركام أكثر من مرة، يعرف جيدا أن كل ضربة جديدة لا تهدم إرادة، بل تعيد تأكيد أن الإعمار في لبنان لا يكتب له أن يكون بقرار إسرائيلي، بل بإرادة وطنية لا تعرف الانكسار».

أخبار متعلقة :