كتب حبيب البستاني في اللواء:
بالرغم من نظريات المشككين وأقوال المتشائمين لا فرق، فإن اتفاق غزة المعروف باتفاق ترامب لم يزل يسير بخطى سريعة وثابتة نحو التنفيذ، وتجري التحضيرات الحثيثة لإطلاق المعتقلين الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين الذين سيطلق سراحهم يوم الإثنين كحد أقصى وذلك بحسب المرحلة الأولى من الخطة والتي ستتضمن وقفاً لإطلاق النار، هذا وقد تمت هذه العملية بالفعل. ومن المنتظر أن يحضر حفل التوقيع على خطة ترامب في شرم الشيخ إلى جانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وسيشارك أكثر من خمسة وعشرين رئيساً في القمة الدولية للسلام حول غزة التي دعا إليها الرئيس الأميركي ترامب والتي ستعقد مباشرة بعد حفل التوقيع. ومن بين المزمع حضورهم القمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني ستارمر والمستشار الألماني وأمين عام الأمم المتحدة ورجب الطيب أردوغان وملك الأردن وأمير البحرين ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى جانب عدد من أمراء ورؤساء دول عربية.
هل يشمل السلام المنطقة بأكملها؟
يبدو أن الرئيس الأميركي مُصرّ على إحلال السلام في كل أرجاء منطقة الشرق الأوسط وذلك بدءاً من غزة، وقد وصف ترامب خطوته بأنها لحظة تاريخية وتحقيق مسعى غير مسبوق للسلام، ومع التشديد على السلام فإنه حذّر كل الذين لا يريدون الدخول فيه. هذا ومن المعلوم أن حل الدولتين هو الحل الوحيد لإحلال السلام وإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي، وبالرغم مما يقال فإن قضية فلسطين تشكّل قضية العرب المركزية وأن حلّها يعني انتفاء وجود خطر الحرب. إنه من المستبعد أن يستطيع أحد من زعزعة السلام في الشرق الأوسط إذا ما تم إيجاد حل لقضية فلسطين. إذن لقد بدأت رحلة السلام في المنطقة، وإذا كان صحيحاً أن هنالك مراحل أخرى في خطة ترامب تتطلب جهداً ومفاوضات ولكن من المؤكد أن القطار وُضع على السكة الصحيحة. ولعلّ المرحلة الثانية في اتفاق غزة والتي ستؤدي إلى تسليم سلاح حماس والبدء بعملية الإعمار هي الأهم، لتدخل غزة تحت الحكم الجديد والذي يراهن الكثيرون أنه سيكون بدون حماس.
الجنوب اللبناني وأطماع نتنياهو
في ظل أجواء السلام السائدة في المنطقة يستمر جيش العدو الإسرائيلي بشنّ غاراته اليومية على أهداف في مختلف المناطق، وكان لافتاً القصف الذي طاول شركة مدنية والمعدات التابعة لها والمُعدة لإعادة الإعمار. وبات واضحاً أن الهدف من وراء هذا القصف هو إرسال رسالة واضحة إلى لبنان مفادها أن لا إعمار في هذه المرحلة، حتى ولو تم ذلك بتمويل داخلي وبإرادة داخلية، فعملية الإعمار هي عملية استراتيجية بالنسبة للدولة العبرية وهي لن تسمح بذلك إلّا بحسب شروطها ووفقاً لإرادتها. فعملية الإعمار لا يمكن أن تسبق الحل السياسي ولكنها تكون نتيجة له، فإسرائيل تسعى لفرض شروطها على لبنان، ولم يكن قصف المصيلح مجرد صدفة أو جاء نتيجة وجود معدات للإعمار فيها، بل إن نتنياهو أراد إرسال رسالة واضحة إلى رئيس المجلس نبيه بري الذي أجاب بقوله «الرسالة وصلت»، وتعتبر هذه هي الرسالة الثانية التي تلقّاها رئيس المجلس في أقل من أسبوع، فالرسالة الأولى جاءت من استثنائه من زيارات وزير خارجية سوريا أسعد الشيباني والتي لا يمكن ردّها إلى انشغال في المواعيد أو عدم طلب موعد. فما هو سر هذا التناغم وهل من قطبة مخفية؟ أم إن الأمر لا يتعدّى كونه أن لبنان لم يحن آوانه بعد للمشاركة في سلام «ترامب».
من يسبق من السلام أم الحرب؟
لا يخفي بنيامين نتنياهو نواياه السيئة تجاه لبنان، وهو لا يتردد بإعطاء الأوامر لجيشه لإحداث خروقات عسكرية يومية للقرار 1701، وبالتالي فإن هنالك سباقاً خفياً بين نوايا ترامب بإحلال السلام في كل منطقة الشرق الأوسط ونيّة رئيس وزراء إسرائيل بإعادة إشعال الجنوب وذلك للحؤول دون إمكانية تطبيق أي حل سلمي. ويبقى السؤال الأكبر فهل يمضي ترامب بخطته للسلام أم إنه سيخضع لابتزاز نتنياهو؟ علماً أن فك ارتباط لبنان بطهران يشكّل الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة ويشكّل المدخل لإحلال السلام.
أخبار متعلقة :