كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
قبل حرب الاسناد، كان حزب الله على خصام حاد مع معظم اللبنانيين، وهوة واسعة تفصل بينهما، بينما اكثرية حلفائه او الدائرين بفلكه، من المستفيدين سياسياً او مادياً، وليس عن قناعة بخطه الموالي للنظام الايراني وايديولجيته الدينية.
بدأ الخلاف بين الحزب وخصومه بالداخل ،بعد تحرير الجنوب ، وانسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي في شهر ايار من العام الفين، بعدما رفض الحزب التخلي عن سلاحه وتسليمه للدولة اللبنانية، بعد انتهاء وظيفة السلاح بتحرير الجنوب، واستحدث مع نظام بشار الاسد السابق ، مسألة بقاء مزارع شبعا تحت الاحتلال الاسرائيلي، كذريعة جديدة للتمسك بالسلاح ، خارج سلطة الدولة، واستمرار مصادرة قرار السلم والحرب وابقاء لبنان ورقة بيد ايران والنظام السوري، وفي خدمة مصالحهما مع الغرب.
استفحل الخلاف بين الحزب ومعارضيه، عندما حوّل سلاحه الى الداخل اللبناني، ومارس اسلوب الاغتيالات ضد الزعامات السياسية والفكرية بالمشاركة مع قوات نظام الاسد التي كانت ماتزال منتشرة في لبنان، وبعد انسحابها القسري تحت ضغط المعارضة في ربيع العام ٢٠٠٥، استكمل الحزب سياسة الاغتيال والترهيب ضد خصومه، واشعل حرب تموز عام ٢٠٠٦ بمفرده وبقرار ايراني ، وهي الحرب التي رتبت على لبنان واللبنانيين خسائر فادحة بالارواح والممتلكات والاقتصاد الوطني، وبعدها مباشرة انقضَّ الحزب على مؤسسات الدولة وصادر قرارها ومقدراتها بقوة سلاح المقاومة.
بعدها مرت علاقة الحزب بخصومه، بفترات تهدئة ظرفية من وقت لاخر ،بفعل التطورات بالمنطقة، وكان اتفاق الدوحة احدى محطاتها المهمة ،لكنه لم يلتزم بأي تسوية او تفاهم او اتفاق، ولم يلبث ان ينقلب عليه او ينكره بعد وقت قصير، ما تسبب بتصاعد الخلاف الداخلي، لاسيما بعد تحول السلاح للمشاركة بالحروب المذهبية في سوريا وغيرها.
منذ العام ٢٠١١، صادر الحزب بقوة السلاح نتائج الانتخابات النيابية، وهيمن على تشكيل الحكومات الموالية لنظام الاسد وايران، وعطل انتخابات الرئاسة وفرض انتخاب ميشال عون بالقوة، وبعدها احتكر تأليف الحكومات وعطل التحقيقات بخصوص تفجير مرفأبيروت بالقوة، خشية انفضاح هوية المشاركين باستيراد نترات الامونيوم الى مرفأ بيروت.
اشعل الحزب حرب الاسناد مع اسرائيل ، وهو في ذروة الخلاف مع خصومه السياسيين، بعدما امعن بتعطيل الانتخابات الرئاسية، لما يقارب العامين وعطل البلد كله، وبعد هزيمته في الحرب، وسقوط نظام بشار الاسد المدوي، والضربة الاميركية الاسرائيلية لإيران، انفض من حوله ما تبقّى من حلفائه، والتفوا حول السلطة، وايدوا الدولة بسياستها حصر السلاح غير الشرعي بيدها وحدها، لما فيها سلاح الحزب.
لم يعد من خيار امام الحزب، بعد المتغيرات بموازين القوى، واخرها اتفاق حركة «حماس» لانهاء حرب غزة مع اسرائيل ،الا اعادة النظر بسلوكياته الخاسرة،وانتهاج سياسة اكثر واقعية وعقلانية، تبدأ بالانضواء تحت السلطة واعلان ولائه المطلق للبنان بكل الامور، وبتغيير خطابه السياسي ومفرداته المتحجرة، ويسقط من قاموسه اسلوب التهديد والاستعلاء الفارغ، واتهامات التخوين لمن يعارضه، ويقدم على التقارب والتصالح مع كافة الاطراف دون استثناء ، لتجاوز جراح الاغتيالات المدان بها، وندوب وارتكابات المرحلة الماضية، ليتمكن من الانضواء في الحياة السياسية والانفتاح على الاخرين ، والا يبقى يدور في دوامة العزلة الحالية والنفور مع الاخرين.
أخبار متعلقة :