كتب كبريال مراد في “نداء الوطن”:
لم تكن جلسة انتخاب اللجان النيابية وهيئة مكتب مجلس النواب حدثًا بحدّ ذاته في ساحة النجمة، بل ما يدور حولها وفي كواليس النقاشات. فالجلسة التي انعقدت بحسب المادة 44 من الدستور، و19 من النظام الداخلي للبرلمان، أبقت المشهد النيابي على حاله، في ضوء عدم نية أحد تبديل التوازنات قبل أشهر من الانتخابات.
لم تستغرق الجلسة أكثر من ساعة، وقد رفعها رئيس مجلس النواب نبيه بري بعدما بقيت هيئة المكتب على حالها وتتألّف من آلان عون (أمين سر)، هادي أبو الحسن (أمين سر)، أغوب بقرادونيان (مفوض)، ميشال موسى (مفوض)، وعبد الكريم كبارة (مفوض). فيما طرأ تعديل طفيف على لجنتي الإعلام والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث حلّ النائب ملحم الرياشي مكان النائب غياث يزبك في لجنة الإعلام، والنائب أديب عبد المسيح مكان النائب فريد الخازن في لجنة تكنولوجيا المعلومات.
وأعلن بري في ختام الجلسة بقاء رؤساء ومقرري اللجان في مواقعهم حسب ما تبلّغ من اللجان النيابية. ويعود ذلك إلى عدم نيّة القوى السياسية الدخول في تبديلات قبل أشهر من الانتخابات النيابية.
حتى عندما أراد التيار الوطني الحرّ برئاسة النائب جبران باسيل محاولة إزاحة النائب آلان عون عن أمانة السر، عبر السير بترشيح النائب ميشال دويهي، اصطدمت محاولته بفشل القدرة على تسويقها بين الكتل الفاعلة، فانسحب دويهي صباح الثلثاء، وفاز عون بالتزكية. وهو الذي قال بعد الجلسة ” أشكر ثقة الكتل النيابية وآسف لأن البعض يُحاول أن يكون أداة لتصفية حسابات سياسيّة”.
محاولتان تغييريتان
غابت الحكومة عن الجلسة التي استهلّت بإثارة النائبة حليمة القعقور مسألة التصويت على محضر الجلسة السابقة. فكان ردّ بري “هذه ليست جلسة تشريعية”. وعندما تحدّثت عن غياب متكرّر لبعض النواب عن اجتماعات اللجان، قال بري “عندما يأتيني كتاب رسميّ بذلك من رؤساء اللجان، يبنى على الشيء مقتضاه”.
وبالنظام، تحدّث النائب جميل السيد، طالبًا تسجيل رفضه في محضر الجلسة “لحصرية التمثيل الطائفي للجان، وألا تكون ولاية رئيس اللجنة أكثر من سنتين”. فلم يلق طرحه أيّ تجاوب.
وعند بدء العملية الانتخابية، ترشح النائب ابراهيم منيمنة لعضوية لجنة المال والموازنة. فوزعت الأوراق، وتوجّه النواب إلى صندوق الاقتراع. لكن منيمنة خسر المحاولة بعد عدم إحرازه أكثر من 33 صوتًا من أصل 92. فأعيد انتخاب النائب ابراهيم كنعان رئيسًا للجنة التي ستبدأ الأسبوع المقبل درس مشروع موازنة العام 2026.
محاولة أخرى لفرض الانتخابات من دون القدرة على الفوز، قادتها النائبة حليمة القعقور بترشحها إلى عضوية لجنة الإدارة والعدل التي أعيد انتخاب النائب جورج عدوان رئيسًا لها. أمّا اللجان الـ 14 الأخرى فانتهت بالتزكية.
الانتخابات النيابية حاضرة
وفي كواليس المجلس، يرتفع النقاس عن تأجيل الانتخابات، البعض يتحدث عن سنة، وآخرون عن سنتين. وكثيرون يؤكدون ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، لكن حديثًا يدور عن أن “حتى المطالبين بالانتخابات، يعلمون أن ذلك غير ممكن لسببين: الأول تقني مرتبط بتعديلات قانون الانتخاب، والثاني سياسي يتعلّق بحصرية السلاح بيد الدولة”. وبينما كان النائب سجيع عطيه قد أعلن في وقت سابق استعداده لتقديم اقتراح قانون للتمديد للمجلس النيابي، خرج النائب غسان سكاف بعد الجلسة أمس ليدعو إلى التأجيل التقني للانتخابات حتى تموز 2026، ليتمكن المغتربون من المجيء إلى البلد في عطلة الصيف والاقتراع خلال تمضيتهم العطلة.
مسألة كانت مدار بحث “على الواقف” خلال الجلسة بين بري ونائبه الياس بو صعب وعدوان الذي خرج بعد الجلسة ليؤكّد رفض التأجيل ولو ليوم واحد، مطالبًا رئيس الحكومة بإدراج مشروع القانون الذي تقدّم به وزير الخارجية يوسف رجي والمتعلّق باقتراع المغتربين والتصويت عليه ليبنى على الشيء مقتضاه.
في المحصّلة، مرّت الجلسة بلا مشاكل، وهي التنظيمية الانتخابية، التي حضرها نوّاب القوات والكتائب الذين يقاطعون التشريع بغياب قانون الانتخاب. لكن مشاركتهم في نقاشات قانون الانتخاب في اللجنة الفرعية لا تزال معلّقة، لأن الاتصالات الدائرة على صعيد تقريب وجهات النظر، لم تصل إلى نتيجة بعد. وهو ما سيبقى مدار أخذ وردّ في الأسابيع المقبلة، إلى أن تحين ساعة التسوية أو الحلول.
في الانتظار، قانون الانتخاب والموازنة نجما المرحلة المقبلة. ولكلّ ملف حساباته ونقاشاته واصطفافاته وانعكاساته.
أخبار متعلقة :