موقع دعم الإخباري

هل تسللت النزاعات الطائفية إلى بلدية بيروت؟

كتب طوني عطية في “نداء الوطن”:

ماذا يجري في بلدية بيروت؟ هل تسللت النزاعات الطائفية إلى مجلسها، وانقسم بين “شرقية – غربية” أو “إسلامية – مسيحية” على خلفية ملفات فساد؟ أم أن إثارة هذه القضية وتركيب سرديات مفخخة عبر وسائل إعلامية، تهدف إلى فتح المعركة النيابية مبكرًا؟ وما خلفية توقيف أمين خزينة البلدية “خ. أ. ع.” من قبل جهاز أمن الدولة بعد ثبوت نقص كبير في موجودات الخزينة؟ وهل صحيح أن الأعضاء المسيحيين دافعوا عنه، علماً بأنه من الطائفة السنيّة، لتغطية محافظ بيروت المسيحي؟

ردًّا على هذه الأضاليل، أكد عضو المجلس البلدي سعيد حديفة لـ”نداء الوطن”، أن المجلس الحالي المكوّن من مختلف القوى السياسية والطائفية، متناغم إلى حدّ كبير في الشأن البلدي، ويضع في سلّم أولوياته، معالجة ملفات الفساد المتراكمة منذ عقودٍ طويلة. ونفى بشكل قاطع كلّ ما يُحكى عن مشاحنات أو اصطفافات طائفية رافقت انعقاد الجلسة الأخيرة للبلدية. بل على العكس، فالمجلس الحالي (المنتخب منذ 6 أشهر)، يشهد تضامنًا واسعًا بين أعضائه، واتفاقًا تامًا على أن محاربة الفساد هي بداية الخلاص لبيروت، وهذا ما تناضل في سبيله القوى السياسية الممثلة في البلدية، وعلى رأسها “القوات اللبنانية” وغيرها، “حيث كنا أول من بدأ كشف سلسلة المخالفات الكبيرة لتكرّ السبحة من بعدها”.

في هذا المسار الإصلاحي، تجدر الإشارة إلى أن حديفه قد فضح تجاوزات تتعلّق برش مبيدات للقضاء على الجرذان، من دون تحديد نقاط المعالجة ولا الكميّات المطلوبة. وقد تبيّن وفق مستندات نشرها عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، وجود عملية شراء لصالح شركتين تعودان إلى المُتعهّد نفسه. ما استدعى على أثرها تحرّك شعبة المعلومات وجهاز أمن الدولة، لتأخذ هذه القضية مسارها القانوني الصحيح.

وبالعودة إلى الضجّة التي رافقت قضية أمين الخزينة “خضر أ. ع.”، أكد مصدر بلدي، أن المداولات التي حصلت داخل الجلسة بين الأعضاء، لم تكن حول مسألة التوقيف لا من قريب ولا من بعيد، ولم تستدرج أي اصطفافات طائفية أو مذهبية. بل كان التشديد لا سيما من جانب أعضاء “القوّات” وغيرهم، على ضرورة الاستفادة من هذه القضية والولوج مباشرة إلى ورشة إصلاحية إدارية، تمنع أي انتهاكات أو فساد يمتدّ في المستقبل إلى خزينة البلدية أو سواها. لماذا؟ يشير مصدر بلدي إلى أنّ “خضر” وبحكم وظيفته، سحب مبلغ 330 ألف دولار من الخزينة خلافًا للأصول القانونية. هذا المبلغ هو عبارة عن قسائم بنزين ومصاريف مستحقة لفوج إطفاء بيروت. غير أن الصرف تمّ بمبادرة فردية منه، أي من دون علم البلدية أو بقرار رسمي يصدر عنها. وتفيد المعلومات بأن “خضر” خصم مبلغًا عن كل موظف من فوج الإطفاء ليحيله إلى “جيبه الخاص”. هذا الموضوع دفع بأعضاء المجلس البلدي إلى المطالبة بإصلاحات في خزينة البلدية، تقضي بعدم وجود شخص واحد مسؤول عن هذا الصرف.

إذًا، وبعد أن أنهى جهاز أمن الدولة، الإثنين، التحقيقات الأولية التي أجراها منذ يوم الجمعة الماضي مع أمين خزينة بلدية بيروت بإشراف النائب العام المالي القاضي ماهر شعيتو، أمر بتوقيف “خضر” بعد ثبوت نقص كبير في موجودات الخزينة، وختم التحقيق وإيداعه الموقوف مع المحاضر، تمهيدًا للادعاء عليه وإحالته إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت.

وأضاف المصدر، أن التحقيق سيتوسع ويمتدّ ليشمل ملفات فساد أخرى. فالمجلس البلدي، يكتشف يومًا بعد يوم العديد من المخالفات، في ظل غياب المستندات المطلوبة وعدم الالتزام بالأصول المحاسبية والصلاحيات القانونية. ومن بين هذه الملفات، قضية المواقف التابعة لمدينة بيروت، حيث تبين أن تلزيم هذه المواقف لشركات الـ valet parking تم بأبخس الأثمان. فعلى سبيل المثال، تم تأجير موقف بقيمة 5 آلاف دولار شهريًا مقابل 300 دولار أميركي فقط، مقابل حصول الجهات المعنية على أرباحٍ خارجية من مستأجري المواقف.

في الخلاصة، يشدّد المصدر على أن كل الأقاويل التي تتحدث عن انقسامات طائفية داخل المجلس، ليست إلا من نسج الخيال، تطلقها بعض القوى السياسية من خارج المجلس البلدي، للقول إن التوافق السياسي الذي أنتج المجلس الحالي عبر الانتخابات، تحوّل إلى مشاحنات طائفية تمنع محاربة الفساد.

أخبار متعلقة :