موقع دعم الإخباري

“الميكانيزم” تجتمع وإيران ترسم حدود التفاوض للبنان

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

تعقد لجنة «الميكانيزم» اليوم اجتماعها للمرّة الثانية بحضور السفير سيمون كرم. الآمال معلّقة بشكل كبير على هذا الاجتماع، لكن لا شيء حتى الساعة يوحي بحصول معجزات.

سلك لبنان طريق التفاوض بخجل. في البداية حاول رئيس مجلس النواب نبيه برّي التبرؤ من هذه الكأس، من ثمّ أتى كلام رئيس الجمهورية جوزاف عون في جلسة الحكومة ليؤكّد أنه عيّن كرم بعد موافقة برّي ورئيس الحكومة نواف سلام.

بدل استغلال لبنان الفرصة التاريخية وذهابه إلى مفاوضات الشجعان لاسترجاع حقوقه وتثبيت سلام دائم افتقده منذ نكبة 1948، ها هي الدولة اللبنانية لا تزال تراوغ وتحاول رمي كرة التفاوض يمينًا وشمالًا، وكأن التفاوض بين فريقين متخاصمين هو جريمة.

يجلس اليوم السفير كرم إلى طاولة المفاوضات، والدولة اللبنانية حدّدت له مسار التفاوض أو المواضيع التي يسمح بالتحدّث بها. ورسّمت حدود التفاوض قبل الوصول إلى ملف ترسيم الحدود، وهذه الجلسة ستشهد دخولًا أكثر في التفاصيل ومناقشة الملفات الخلافيّة. وفي هذا الإطار، يُحدد لبنان خطوط المسموح والممنوع في تفاوض أكثر ما يمكن الوصول إليه هو تحييد الدولة عن أي ضربة عسكرية مرتقبة وليس تحييد كل لبنان.

وتبقى خريطة التفاوض في الجلسة الثانية محصورة بقضايا تطبيق اتفاق 27 تشرين الثاني 2024 وتنفيذ القرار 1701، وحصر السلاح في جنوب الليطاني، وسيطالب لبنان بوقف الهجمات الإسرائيلية والانسحاب من النقاط المحتلة لتأمين انتشار الجيش اللبناني والسماح له بالقيام بمهامه.

لا يستطيع السفير كرم الخروج عن المسار المرسوم له من قبل إدارة الدولة، وإذا كانت هناك مشاكل حدوديّة بين لبنان وإسرائيل، وترسيم برّي لم ينجز، فهذا الأمر لا يُحلّ بجلسة واحدة، بل يحتاج إلى جلسات تفاوض وتقنيين وعسكريين وإبراز خرائط، وإقراره قد يستغرق وقتًا طويلًا خصوصًا إذا بقي التأزم السياسي على حاله.

من يتأمّل في وصول المفاوضات إلى طرح مسائل اقتصادية أو سياسية، يبقى من المبكر الحديث عن مثل هكذا ملفات، صحيح قد يلجأ الجانب الإسرائيلي إلى طرحها وقد يدفع في هذا الاتجاه، لكن لا يوجد قبول لدى الدولة اللبنانية في بحث هذه المسائل حتى لو كانت تريح لبنان.

لا يمكن للدولة جلد ذاتها، فحتى لو صدقت النوايا، وأرادت الذهاب بعيدًا وإيجاد حلول لأزمات عمرها من عمر النكبة والنكسة والحرب الأهلية اللبنانية، إلا أن الدولة اللبنانية أثبتت قدرتها في لحظات معينة على اتخاذ القرار، لكنها تفتقد إلى قوّة التطبيق، وتظهر بعد كل قرار مصيري ومهمّ بمظهر الضعيف وغير القادر على التطبيق وتفقد ثقة الداخل والخارج.

أهم نقطة تواجهها الدولة اللبنانية في ملف التفاوض والسلاح هي عدم رغبتها بإغضاب «حزب الله» أو خدش مشاعره، وتدل تصرفات الدولة على أن «الحزب» لا يزال يتمتع بحق النقض، أي أنه إذا قال لا على أي ملف، «فتتفرمل» الدولة وتقف حائرة وغير قادرة على التحرّك والعمل.

ما جرى في قرار حصر السلاح الفلسطيني أكبر دليل على ضعف الدولة وهشاشتها، فالسلطة الوطنية الفلسطينية غطّت مسألة السلاح والعالم العربي دعمه، وعند التنفيذ سلّمت فصائل السلطة أغلبية سلاحها، بينما منع «حزب الله» حركة «حماس» والفصائل التي تدور في فلكها من التسليم، وأتت حادثة استشهاد الشاب إيليو حنا في مخيّم شاتيلا لتكشف ضعف الدولة وتراخيها، والجريمة الأكبر هي تصرّفها بعد الحادثة وعدم اتخاذ قرار أمني بمداهمة أوكار القتلة والقضاء عليهم.

تشير كل المعلومات والمعطيات إلى أن قرار الذهاب بعيدًا في التفاوض مرتبط أيضًا بطهران، وهذا الأمر يفسّر زيارة الرئيس عون إلى سلطنة عمان وطلب وساطتها مع إيران لإقناع «حزب الله» بتسليم السلاح وإبداء ليونة ربما يجنب لبنان الحرب، لكن حتى الساعة، تبقى إيران على رفضها و«الحزب» على تشدّده ما يدل على عدم وصول المفاوضات إلى أي مكان، وحتى لو وصلت، لن تستطيع الدولة تطبيق ما التزمت به.

أخبار متعلقة :