تُعد قضية الحجاب في إيران من القضايا الاجتماعية الحساسة والمعقدة، حيث تشكل محور نقاش مستمر في أوساط المجتمع الإيراني المحافظ، الذي يلتزم بتقاليده الدينية والاجتماعية. ومع مرور الوقت، تحولت هذه القضية من كونها مسألة دينية وعقائدية بحتة إلى حراك سياسي يواجه النظام، خاصة بعد وفاة الشابة مهسا أميني نتيجة مضايقة رجال الشرطة لها لعدم التزامها بالحجاب بالشكل الذي يحدده القانون، ما أثار احتجاجات واسعة وأكد على تحوّل النظرة العامة لهذه القضية نحو السياسة والمجتمع والثقافة.
وقد شكلت هذه التطورات تحديًا للنظام الإيراني، مما دفع العديد من المسؤولين والسياسيين إلى البحث عن مقاربات شاملة لمعالجة ظاهرة عدم الالتزام بالحجاب بطريقة تراعي المبادئ الدينية للمجتمع المحافظ. إلا أن وجهات النظر اختلفت حول كيفية التعامل مع المسألة، بين من يرى أن الحجاب قضية ثقافية واجتماعية يجب معالجتها عبر الإعلام والمؤسسات الثقافية، وبين من يعتبره فرضًا دينيًا يجب الالتزام به وفرضه، خصوصًا في ظل نظام سياسي يستند إلى الشريعة الإسلامية كمنهاج حياة تحت إشراف “ولي الفقيه”.
ويُشير بعض رجال الدين إلى أن “فرض الحجاب” ليس بالضرورة أمرًا دينيًا، بل الدعوة إليه هي الأساس الديني المنصوص عليه في القرآن والسنة، بينما يرى آخرون أنه واجب ديني على المرأة يجب احترامه وفرضه. وهذا التباين انعكس على الأداء الحكومي، حيث أقر مجلس الشورى الإيراني قانون “العفاف والحجاب” نهاية العام الماضي في عهد الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، فيما اعترض الرئيس الحالي مسعود بزشكيان على تطبيقه بعد وفاة مهسا أميني، معتبرًا أن إجراءات الشرطة غير مناسبة، مما استدعى الرجوع إلى المرشد علي خامنئي، الذي رفض التدخل ووجه بمناقشة المسألة ضمن المجلس الأعلى للأمن القومي وبالتنسيق مع السلطات القضائية والتشريعية، باعتبارها قضية اجتماعية وأمنية في الوقت ذاته.
ويؤكد خبراء حقوق الإنسان أن فرض الحجاب يتعارض مع بعض الحريات الاجتماعية والعامة، بينما ترى جهات أخرى أن مشكلة الحجاب تتداخل فيها عوامل اجتماعية وثقافية وسياسية، مما يجعل معالجة هذه القضية معقدة وتتطلب تنسيقًا بين مختلف السلطات والجهات الثقافية والدينية لضمان توازن بين الالتزام الديني والحريات الفردية.
أخبار متعلقة :