في خضم التسارع الكبير لعمليات التحول الرقمي وتبني التقنيات السحابية في المنطقة، برز الذكاء الاصطناعي ليصبح سلاحًا ذا حدين؛ فهو من جهة يفتح آفاقًا غير مسبوقة للإنتاجية والنمو، ومن جهة أخرى يوسع سطح الهجوم السيبراني إلى مستويات غير مسبوقة.
وفي مع (البوابة التقنية) على هامش فعاليات معرض (جيتكس جلوبال 2025)، دق كامل التميمي، كبير مستشاري حلول المعلومات في شركة (Zscaler) الشرق الأوسط، ناقوس الخطر، مؤكدًا أن الاستجابة للتحديات الجديدة لم تعد تقتصر على الحلول التقليدية.
فقد كشف التميمي عن أن مفتاح الحماية في هذا العصر المتغير يكمن في الثقة الصفرية (Zero Trust)، التي وصفها بأنها خط الدفاع الأول ضد مخاطر الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، مشددًا على أن تبنيها هو التزام لحماية تريليونات البيانات التي تمر عبر شبكات المؤسسات يوميًا.
الذكاء الاصطناعي المحلي.. ضرورة وليست رفاهية:
أوضح التميمي؛ أن تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على بيانات محلية صحيحة ومتخصصة بات أمرًا ضروريًا لنجاح أي مشروع تقني في المنطقة، مشددًا على أهمية تطوير نماذج ذكاء اصطناعي عربية تفهم السياق المحلي والثقافة واللغة.
وقال: “وجود بدائل محلية أمر أساسي، لأن الذكاء الاصطناعي يعتمد على نوعية المعلومات التي يتدرب عليها. وإذا أردنا خدمات تعليمية أو خدمية دقيقة داخل المنطقة، يجب أن تُبنى على بيانات موثوقة من بيئتنا المحلية”.
وشدد على أن تدريب الذكاء الاصطناعي على اللغة العربية ولهجاتها المختلفة سيُسهم في الحد من (الأمية التقنية)، إذ يساعد ذلك في تقديم خدمات مؤتمتة مثل: المساعد الافتراضي أو روبوتات الدردشة (Chatbots)، التي يمكنها التواصل بلغة طبيعية مفهومة لجميع المستخدمين، بمن فيهم كبار السن الذين يواجهون صعوبة في التعامل مع التقنية.
وبيّن التميمي أن تطوير نماذج ذكاء اصطناعي محلية وتوطين البيانات داخل الدولة لا يحقق فقط الامتثال لتوجهات الجهات الحكومية في المنطقة مثل مجلس الأمن السيبراني الإماراتي، بل يفتح آفاقًا اقتصادية جديدة أمام الشركات الناشئة ويوفر خدمات بأسعار تنافسية.
وأضاف أن هذا التوجه سيساهم في الحد من الأمية الرقمية عبر تسهيل التفاعل مع التقنية بطرق طبيعية، مثل البحث بالصوت أو الأوامر اللغوية، مما يسرّع من وتيرة التحول الرقمي الآمن في المنطقة.
الثقة الصفرية.. تحول في مفهوم الأمن السيبراني:
أوضح التميمي أن التحول الرقمي وتبني التقنيات السحابية والذكاء الاصطناعي أدّى إلى توسع كبير فيما يُسمى سطح الهجوم (Attack Surface)، وهي الثغرات والنقاط، التي يمكن للمهاجمين استغلالها. وهنا يبرز مفهوم الثقة الصفرية كحل ثوري، إذ يمثل تحولًا عن أنظمة الحماية التقليدية. ويعتمد هذا المفهوم على تقليل سطح الهجوم، وذلك من خلال حجب الوصول عن المستخدمين غير المصرح لهم، والتدقيق المستمر لكل طلب خدمة، عن طريق التحقق المستمر من هوية المستخدمين ومواقعهم وبياناتهم قبل منحهم أي صلاحيات وصول.
وقال: “تطبيق الثقة الصفرية ليس مجرد إجراء أمني، بل رحلة متكاملة تبدأ من الحوكمة داخل المؤسسة وتمتد إلى أنظمة الحماية، لضمان أن كل طلب خدمة يتم تدقيقه ومراجعته بنحو شامل”.
وأشار التميمي إلى أن العديد من المؤسسات في الإمارات والمنطقة بدأت بالفعل هذه الرحلة، موضحًا أن شركة (Zscaler) كانت أول من قدّم مفهوم الثقة الصفرية في المنطقة، وتعمل باستمرار على تحديث حلولها بما يتناسب مع تطور التهديدات الرقمية.
الذكاء الاصطناعي لحماية المستخدمين وليس تهديدهم:
أكد التميمي أن الشركة تستخدم الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع ضمن بنيتها التحتية لحماية المعلومات، وقد قدم رقمًا مذهلًا يوضح حجم عمل الشركة وخبرتها: قال إن عدد العمليات التي تمر عبر شبكة (Zscaler) العالمية لحماية أمن المعلومات تصل إلى تريليونات العمليات يوميًا، مشيرًا إلى أن هذا يفوق عشر مرات عمليات البحث على جوجل يوميًا.
وأكد أن Zscaler تستخدم الذكاء الاصطناعي داخليًا لتحليل هذا الكم الضخم من المعلومات، مما يتيح لها اكتشاف التهديدات بنحو استباقي وحماية عملائها. وقال: “نحن نستخدم الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الهجمات المولدة بالذكاء الاصطناعي نفسه، مثل رسائل الاحتيال المزيفة أو البرمجيات الخبيثة، قبل أن تؤثر على المستخدمين أو المؤسسات”.
وأوضح أن الشركة تمتلك 190 مركز بيانات حول العالم، بينها مراكز في الإمارات والخليج، مما يتيح تحليلًا فوريًا لأي محاولة لمشاركة بيانات حساسة مع أنظمة ذكاء اصطناعي غير مصرح بها، ومنعها دون تعطيل أعمال المؤسسة.
الموازنة بين الحماية والسماح بالابتكار:
عند الحديث عن فلسفة Zscaler في التعامل مع التقنيات الحديثة، قال التميمي إن المنع الكامل من استخدام التقنيات الحدية بهدف الحماية ليس حلًا، لأن حرمان الموظفين من استخدام الذكاء الاصطناعي قد يدفعهم إلى استخدام أدوات غير آمنة خارج بيئة العمل.
وأكد التميمي أن شعار الشركة هو التبسيط وحماية المعلومات دون تعقيد، والمنع الكامل ليس حلًا، لأن حرمان الموظفين من استخدام الذكاء الاصطناعي قد يدفعهم إلى أجهزتهم الشخصية غير المؤمنة. لذلك نسعى دائمًا إلى تحقيق التوازن بين السماح للموظفين باستخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي لتعزيز إنتاجيتهم، وبين حماية البيانات الحساسة.
وأوضح التميمي أن (Zscaler) تقدم حلولًا للحوكمة تسمح بتحديد ضوابط منطقية تمنع مشاركة المعلومات الحساسة (مثل جداول الرواتب، أو معلومات العملاء) مع نماذج الذكاء الاصطناعي أو الأطراف غير المصرح لها داخل المؤسسة، دون فرض حظر كامل على استخدامه.
وأشار إلى أن الشركة تقدم برامج توعوية وتدريبية لمديري أمن المعلومات في المنطقة، وتعمل مع شركاء إقليميين لتطبيق أفضل ممارسات حوكمة الذكاء الاصطناعي، بما يضمن أمن البيانات واستدامة الابتكار في آنٍ واحد.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
المصدر: البوابة العربية للأخبار التقنية