تستعد العاصمة السعودية، الرياض، لاحتضان النسخة الدورة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (FII)، في حدث اقتصادي واستثماري ضخم وكبير، يُتوقع أن يشهد إعلان صفقات استثمارية كبرى.
وما يجعل هذه الدورة استثنائية، بحسب ريتشارد أتياس، رئيس اللجنة التنفيذية والرئيس المكلَّف لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار، ريتشارد أتياس، هو “الحضور غير المسبوق لأكثر من 20 زعيمًا من مختلف أنحاء العالم”، في مؤشر واضح على تحول مركز الثقل الاقتصادي نحو الشرق والجنوب العالمي.
وأعربت مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار، في وقت سابق، عن اعتزازها بالدعم المستمر من شريكها المؤسس، صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وشركاء الرؤية، وزارة الاستثمار، وأرامكو السعودية، الذين يظل دورهم الريادي وتعاونهم عنصرًا حيويًا في تقدم رسالة المؤسسة العالمية، مرحبة هذا العام بمجموعة متميزة من الشركاء الإستراتيجيين الجدد: أريبيان ديار، وباركليز، وبروكفيلد، والمجموعة المالية هيرميس، وجوجنهايم للاستثمارات، وهيوماين، ومارا، وميزوهو، ومجموعة ميتسوبيشي يو إف جي المالية (MUFG)، والشركة السعودية للكهرباء، ومجموعة سوميتومو ميتسوي المصرفية (SMBC Group)، وشركة سودة للتطوير، وفي سي إم (VCM).
وينضم هؤلاء الشركاء إلى مجتمع مرموق من الشركاء الذين يمثلون قطاعات الاستثمار، والتمويل، والتكنولوجيا، والبنية التحتية، والطاقة، ومنهم: أكوا باور، وشركة آلات السعودية، والدرعية، وإعمار، ومركز الملك عبدالله المالي، ومطار الملك سلمان الدولي، ومعادن، ومينيرفا فودز، ونيوم، والمربع الجديد، والإقامة المميزة، والبحر الأحمر الدولية، وبنك الرياض، وطيران الرياض، ومجموعة روشن، والهيئة الملكية لمحافظة العلا، وسابك، وسنابل للاستثمار، والبنك الأهلي السعودي، وصندوق رؤية سوفت بنك، وستاندرد تشارترد، وستيت ستريت، وإس تي سي، وفيزا، ورؤية للاستثمار.
ويعمل هؤلاء الشركاء معًا على تعزيز مهمة المؤسسة المتمثلة في الدفع قدمًا بالمبادرات القائمة على التأثير وتعزيز التعاون عبر الصناعات والحدود، مما يسرّع التقدم المستدام للبشرية.
ائتلاف عالمي:
وفي هذا الصدد، قال ريتشارد أتياس: “شركاؤنا هم محور كل ما نقوم به في مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار، والتزامهم وتعاونهم يمكّناننا من تحويل الرؤية إلى عمل، والعمل إلى تأثير قابل للقياس، وضمان الاستدامة، مع وجود أكثر من (60) شريكًا هذا العام، نفخر بجمع ائتلاف عالمي يقود النمو المستدام، والابتكار المسؤول، والازدهار الشامل”.
ورحب برنامج مبادرة مستقبل الاستثمار للمشاريع الاستثمارية (FII Ventures Program) بشريك جديد هو البرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات، لدعم منظومة متنامية تربط رواد الأعمال ذوي الرؤى بالمستثمرين العالميين لتسريع الابتكار وتحقيق تأثير قابل للتطوير.
الرئيس السوري.. وإعادة الإعمار:
تبرز مشاركة الرئيس السوري، السيد أحمد الشرع، ضمن قائمة الزعماء الحاضرين، في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار هذا العام، وتُعدّ هذه الخطوة بمثابة “نافذة تاريخية” لإعادة دمج سوريَة في الخريطة الاقتصادية الدولية، كما يصفها مستشار المركز العربي للدراسات في القاهرة والباحث في الاقتصاد والعلاقات الدولية، أبو بكر الديب، في حديثه إلى موقع البوابة التقنية.
ويأتي هذا الحضور في وقت تشير فيه تقديرات البنك الدولي إلى أن تكلفة إعادة إعمار سوريَة تصل إلى 216 مليار دولار، وهو رقم ضخم يضع سوريَة في قلب اهتمامات صناديق الاستثمار العالمية والمستثمرين الإستراتيجيين.
ويوضح الديب في تحليله: “حضور سوريَة في المؤتمر هو فرصة ذهبية لطرح رؤية جديدة لإعادة الإعمار لا تعتمد على التمويل التقليدي فقط، بل على نموذج (إعمار رقمي) ذكي. يمكن من خلال التعاون مع شركات التقنية العالمية تبني حلول الذكاء الاصطناعي وإدارة المدن الذكية في بناء البنية التحتية، مما يقلل التكاليف ويزيد الكفاءة بشكل كبير”.
وتابع: “المشاركة السورية في هذا المحفل الدولي تمثل إشارة واضحة من المجتمع الدولي بضرورة إشراك سوريَة في عملية إعادة الإعمار والاستفادة من موقعها الإستراتيجي الفريد”.
ويضيف الديب: “المؤتمر يركز على قطاعات المستقبل مثل الطاقة النظيفة والخدمات اللوجستية، وهذا يتيح لسوريَة أن تقدم نفسها كممر اقتصادي إقليمي يربط العراق ولبنان والأردن، لتتحول من ساحة صراع كما في السابق إلى منصة رقمية واقتصادية حيوية. الاستثمار في البنية التحتية الرقمية والطاقة المتجددة في سوريَة سيمكنها من لعب دور محوري في الشبكة الاقتصادية الإقليمية الناشئة”.
سوريَة واستقطاب الاستثمارات:
تشكل مشاركة الرئيس السوري، أحمد الشرع، في المؤتمر رسالة قوية للمستثمرين العالميين بشأن جاذبية السوق السورية ورغبة الحكومة في فتح أبواب البلاد للاستثمارات الخارجية، حيث تعتبر تقديرات البنك الدولي البالغة 216 مليار دولار دليلًا على حجم الفرص الاستثمارية الهائلة في سوريَة، خاصة في قطاعات البنية التحتية والطاقة والنقل والاتصالات.
ويشير أبو بكر الديب إلى أن “سوريَة بحاجة إلى إستراتيجية استثمارية ذكية تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، بدلًا من الاكتفاء بأساليب الإعمار التقليدية، ويمكن لسوريَة أن تقفز مباشرة إلى عصر المدن الذكية والبنية التحتية الرقمية، وهذا سيمكنها من استقطاب استثمارات نوعية في مجالات مثل الطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر، والاتصالات من الجيل الخامس، والذكاء الاصطناعي في إدارة المدن والموارد”.
ويضيف: “الاستثمار في سوريَة ليس مجرد عملية إنسانية، بل هو استثمار إستراتيجي في مستقبل المنطقة، فموقع البلادالجغرافي يجعلها جسرًا طبيعيًا بين أوروبا وآسيا، وهي مؤهلة لتصبح مركزاً لوجستيًا وتجاريًا مهمًا في المنطقة، والاستثمار في المواني والمطارات والطرق السريعة الذكية سوف يعود بفوائد اقتصادية على جميع دول الجوار والدول المستثمرة”.
منصة عالمية لـ “إطلاق الازدهار”:
ينعقد المؤتمر هذا العام تحت شعار (مفتاح الازدهار)، وسيشهد مشاركة أكثر من 8000 مشارك، بينهم 600 متحدث و40 وزيرًا، يمثلون حكومات وشركات تكنولوجية عملاقة وصناديق استثمارية.
ويؤكد ريتشارد أتياس أن النسخة التاسعة “ستكون الأكبر والأكثر تأثيرًا في تاريخ المبادرة”، مشيرًا إلى أن المؤتمر تحول من منصة للحوار إلى “مختبر عملي” لمستقبل الاقتصاد العالمي.
وفي سياق ذي صلة أوضح الخبير أبو بكر الديب أنه لكي تستفيد الدول العربية من الزخم الذي يخلقه المؤتمر، يجب أن تتحول من الاقتصاد القائم على الريع أو الاستهلاك إلى اقتصاد قائم على المبادرة والتصميم الصناعي والتكنولوجي.
وأضاف: “المطلوب ليس فقط جذب الاستثمارات، بل تصميم مبادرات عربية تحمل هوية واضحة، وتستهدف قطاعات محددة ذات قيمة مضافة عالية، فعلى سبيل المثال، يمكن للدول العربية تأسيس منصات إقليمية مشتركة للاستثمار في الذكاء الاصطناعي تجمع بين التمويل الخليجي، والخبرة المصرية في التعليم والتقنية، والسوق الواسع في شمال أفريقيا”.
الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة:
يحلل أبو بكر الديب، محاور المؤتمر، قائلًا: “ما يميز هذه الدورة هو تركيزها الشديد على القطاعات التكنولوجية المستقبلية. المملكة العربية السعودية ودول الخليج تتحول من مصدر للطاقة التقليدية إلى مركز عالمي لإنتاج الطاقة المستدامة، مثل الهيدروجين الأخضر. هذه التحولات تخلق فرصاً هائلة للاستثمار في التقنيات النظيفة والذكية.”
ويضيف في حديثه إلى موقع “البوابة التقنية”: “في مجال الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، لم يعد الحديث عن الترفيه أو التواصل فقط، بل عن اعتماد هذه التقنيات كمحركات أساسية للإنتاج والخدمات اللوجستية، والمؤتمر يشهد تحول المنطقة من مستهلك للتقنية إلى شريك فاعل في تصميمها، وهذا التحول يتجلى في المشاريع الضخمة التي تطلقها دول الخليج في مجال المدن الذكية والاقتصاد الرقمي”.
معادلة جديدة:
يلاحظ الديب أن “التمثيل القوي لدول الجنوب العالمي في المؤتمر يعكس قناعة جديدة بأن النمو الحقيقي في العقد القادم سيأتي من هذه الاقتصادات الناشئة”. ويرى أن هذا يتيح فرصة ذهبية لبناء “شراكات جنوب-جنوب” تجمع بين التمويل العربي والخبرة الآسيوية في التكنولوجيا لبناء منظومات إنتاجية مبتكرة.
ويشير إلى أن “سوريَة يمكن أن تكون شريكًا أساسيًا في هذه الشراكات، حيث تجمع بين موقعها الإستراتيجي وإمكاناتها البشرية الهائلة، فالاستثمار في التعليم والبحث العلمي في سوريَة سيمكنها من إمداد المنطقة بالكفاءات العلمية والتقنية المطلوبة لقيادة عملية التحول الرقمي والاقتصادي”.
الاستثمار في سوريَة: تحديات وفرص
رغم التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها سوريَة، يرى الخبراء أن المؤتمر يشكل فرصة فريدة لعرض الفرص الاستثمارية في البلاد، وتقديرات البنك الدولي البالغة 216 مليار دولار تشير إلى حجم السوق الهائل والحاجة الملحة للاستثمار في جميع القطاعات.
ويشدد أبو بكر الديب على أن “المستثمرين يحتاجون إلى بيئة مستقرة وشفافة، والمؤتمر يمكن أن يكون منصة لعرض الضمانات والتسهيلات التي تقدمها الحكومة السورية للمستثمرين، كما أن مشاركة سوريَة في المؤتمر تتيح لها فرصة الاطلاع على أفضل الممارسات العالمية في مجال جذب الاستثمارات وإدارة المشاريع الكبرى”.
يؤكد مؤتمر مستقبل الاستثمار في دورته التاسعة، وفق الإعلامي الاقتصادي، حازم رياض، تحول الرياض إلى عاصمة عالمية للاستثمار في قطاعات المستقبل، مستندة إلى سجل حافل من الاتفاقيات التي تجاوزت 200 مليار دولار في مجالات الذكاء الاصطناعي، والطاقة النظيفة، والخدمات اللوجستية، لافتًا في حديثه إلى موقع “البوابة التقنية” إلى أن المؤتمر لم يَعد مجرد منصة للحوار، بل أصبح مختبرًا عمليًا يساهم في تصميم ملامح الاقتصاد العالمي القادم.
وأوضح رياض أن مشاركة الرئيس الشرع في هذا المحفل تُعدّ فرصة تاريخية لسوريَة لتعيد ربط نفسها بالاقتصاد العالمي، مستفيدة من الرؤى والتقنيات المطروحة في المؤتمر لتحويل عملية إعادة الإعمار إلى نموذج “إعمار رقمي ذكي” يعتمد على الذكاء الاصطناعي وإدارة المدن الذكية، وهي التقنيات نفسها التي يركز عليها المؤتمر وتشكل قلب استثماراته المستقبلية.
وختم رياض : “النجاح في استغلال هذه الفرصة سيعتمد على قدرة سوريَة على تقديم رؤية اقتصادية واضحة وجاذبة للمستثمرين، تعكس التحول التكنولوجي الذي تقوده المنطقة، وعلى استعداد المجتمع الدولي لدعم عملية إعادة الإعمار والاستفادة من الفرص الهائلة التي توفرها سوريَة كسوق واعدة وموقع إستراتيجي فريد”.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
المصدر: البوابة العربية للأخبار التقنية




