في إطار السعي الوطني نحو التعافي والتحول الرقمي، لم يَعد التطوير التقني خيارًا، بل أصبح الركيزة التي تقوم عليها استدامة الخدمات الحيوية. وفي خطوة تعبّر عن هذا الوعي، أعلنت وزارتا الاتصالات وتقانة المعلومات والصحة في سوريَة، تعاونًا إستراتيجيًا يتجاوز حدود الربط التقني ليؤسس بنية رقمية وطنية متكاملة، تنطلق من أكثر القطاعات حساسية وحيوية، وهو القطاع الصحي.
ويشكّل هذا التحالف تحولًا نوعيًا في رؤية الدولة للتحول الرقمي، إذ يعيد بناء ما تضرر بفعل سنوات من السياسات الاحتكارية، ويضع التكنولوجيا في صميم الإصلاح الإداري ومحاربة الفساد، تمهيدًا لمنظومة خدمية أكثر كفاءة وشفافية وعدالة.
رسم خريطة الطريق نحو “السجل الصحي الإلكتروني الموحد”:
بحث معالي عبد السلام هيكل، وزير الاتصالات وتقانة المعلومات، مع معالي مصعب العلي، وزير الصحة، آليات بناء بنية رقمية متكاملة تربط بين المنشآت الصحية في مختلف المحافظات، تمهيدًا لإطلاق سجل صحي إلكتروني موحد، يربط مكونات المنظومة الصحية إداريًا وتقنيًا، بما يسهم في رفع كفاءة الخدمات الطبية وتحسين تجربة المواطن في الحصول على الرعاية الصحية.
وأوضح الوزير عبد السلام هيكل أن المشروع الجديد يأتي ضمن خطة أوسع لتطوير الهوية الرقمية الوطنية، بما يتيح للمواطنين الوصول إلى خدماتهم الصحية والإدارية عبر منصات موحدة وآمنة.
وأشار إلى أن الوزارة تعمل حاليًا على تنفيذ مشاريع إستراتيجية لإعادة بناء البنية التحتية للاتصالات بعد سنوات من التراجع نتيجة السياسات الاحتكارية، موضحًا أن بعض هذه السياسات كانت تُديرها مجموعات محدودة من المنتفعين خلال عهد النظام السابق.
وبيّن هيكل أن الوزارة وقّعت حديثًا اتفاقية إنزال أول كابل بحري دولي على الأراضي السورية مع شركة ميدوسا الإسبانية، وذلك ضمن مبادرة “سيلك لينك”، التي تهدف إلى جعل سوريَة مركز عبور إقليميًا للبيانات والمعلومات.
وأكد الوزير أن المشروع سيسهم في تحسين جودة الاتصال وزيادة موثوقية شبكات الإنترنت والاتصالات، مما يمكّن القطاعات الخدمية، ولا سيما الصحة والتعليم، من الانتقال إلى أنظمة رقمية متكاملة.
ويأتي هذا المشروع أيضًا ليعيد ربط سوريَة بالشبكات العالمية عبر الكابلات البحرية، مما يسهم بنحو مباشر في تسهيل تبادل البيانات ويدعم بقوة الرؤية الإستراتيجية الهادفة إلى إعادة ترسيخ موقع سوريَة كمحور اتصالات يربط بين قارتي آسيا وأوروبا.
تطوير منظومة الاتصالات وخدمات الطوارئ:
أشار هيكل إلى ضرورة وضع خطة مرحلية لترتيب أولويات الربط بين المنشآت الصحية، وفقًا للجاهزية الفنية والإمكانيات المتاحة، لافتًا إلى أهمية تطوير منظومة الاتصالات اللاسلكية الخاصة بخدمات الطوارئ وربطها مباشرة بمراكز الاستجابة والمستشفيات المركزية.
كما شدد الوزير على ضرورة تحديث تجهيزات سيارات الإسعاف وربطها رقميًا بأنظمة تحديد المواقع والسجلات الطبية الفورية، مما يعزز سرعة الاستجابة في الحالات الحرجة.
التحول الرقمي أداة لمكافحة الفساد ورفع الكفاءة:
من جانبه، أكد وزير الصحة، مصعب العلي، أن التحول الرقمي بالقطاع الصحي في سوريَة ليس ترفًا تقنيًا بل ضرورة لتحسين الأداء ومكافحة الفساد، موضحًا أن توحيد السجلات الصحية إلكترونيًا سيتيح تتبع الحالات المرضية بشكل دقيق وتبادل المعلومات بين الكوادر الطبية في مختلف المرافق الصحية.
ودعا الوزير العلي إلى تأسيس هيئة وطنية موحدة للتحول الرقمي تُعنى بتنسيق جهود الوزارات والمؤسسات الحكومية، بما يضمن توحيد المعايير الفنية والأمنية للبيانات وتجنب الازدواجية في المشاريع التقنية. كما أشار إلى أن هذه الخطوة ستسهم في تقليل الهدر المالي وتسهيل إدارة الموارد في القطاع الصحي.
واتفق الوزيران في ختام الاجتماع على الاستمرار بالتنسيق المشترك لتطوير الشبكات الداخلية للمشافي والمراكز الصحية، واستكمال البنية التحتية الرقمية الداعمة لمشروع التحول الصحي الوطني، الذي يُعد أحد المحاور الرئيسية في إستراتيجية الحكومة السورية للتحول الرقمي الشامل، الهادفة إلى تحسين كفاءة الخدمات العامة وتعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات الحكومية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
المصدر: البوابة العربية للأخبار التقنية




