كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
مع بدء التحضيرات للانتخابات النيابية في أيار 2026، ارتفع منسوب التوتر بين الاقطاب السياسيين وانكشف الانقسام بين الكتل النيابية، خاصة في ما يتعلّق باقتراع المغتربين، وقد تجلّى هذا التوتر في الجلسة التشريعية مطلع هذا الاسبوع، مع رفض رئيس المجلس النيابي نبيه بري إدراج قانون معجّل مكرّر يتيح للمغتربين التصويت لـ128 نائبًا، بحجة وجود لجنة فرعية تدرسه، ما دفع بنواب “الجمهورية القوية” و”الكتائب” وبعض المستقلين والتغييريين للانسحاب من الجلسة وإفقادها النصاب وبالتالي رفع الجلسة.
وبين نواب يفضلون اقتراع المغتربين لـ6 نواب يمثلون اللبنانيين غير المقيمين في ست قارات وآخرين يعتبرون ان من حق المغترب التصويت لـ128 نائبًا، نشرت وزارة الخارجية والمغتربين في لبنان عبر منصّة “اكس” الآلية التي تتيح للانتشار اللبناني التسجيل للاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة من خارج الأراضي اللبنانية. فكيف ينظر الاغتراب الى هذه الجدلية؟ ومما يتخوّف؟
رئيس مجلس التنفيذيين اللبنانيين المقيم في المملكة العربية السعودية ربيع الأمين يقول لـ”المركزية”: “تخوّف الاغتراب اللبناني لم يبدأ اليوم بل منذ نهاية الانتخابات الماضية عندما تم تعليق المواد المتعلقة بالاقتراع لـ6 نواب، والذي اعتبرناه حينها انتصاراً لنا، لكن المجلس النيابي الحالي لم يلغِ هذه المواد وهدر الوقت مع الحكومات المتعاقبة. فبات قلقنا مستمرًا ولذلك لم نتوقف عن إطلاق المواقف للتحذير من ذلك، الى ان وصلنا الى ما نحن عليه اليوم”.
ومع فتح باب التسجيل يؤكد الأمين ان “المغترب لا يعلم اذا ما كان سيتسجل ما دام القانون غير معروف بعد، وهل التصويت لستة نواب، أم كما يطالب بـ128 نائباً؟
ويضيف: نعتبر ان هذا التشويش مقصود لإضعاف صوت الاغتراب ونسبة التسجيل وبالتالي كتم صوته، وهو جزء من منهجية محاولة اقصاء الاغتراب عن المشاركة في العملية السياسية، رغم أنه يشكل اليوم أكثر من 25 في المئة من أصوات المقترعين، إذ ان ربع القوى الناخبة على لوائح الشطب موجودة خارج لبنان.
تبعاً لذلك، نطلب من المغتربين اللبنانيين المقيمين في الخارج المتأكدين من أنهم لن يتمكنوا من التواجد في لبنان في فترة الانتخابات ان يبادروا الى التسجيل فورًا بغض النظر عن القانون الذي سيتم إعتماده، لأننا لا نريد ان نلغي صوتنا وحضورنا.أما الذين يمكن ان يتواجدوا في لبنان خلال فترة الانتخابات المقبلة، فننصحهم بتأجيل قرارهم بالتسجيل او عدمه حتى بداية شهر تشرين الثاني حتى تتضح الصورة”.
ويشير الأمين الى ان “المعركة سياسية بامتياز وتتسم ببُعدَين، محلي واغترابي. في البعد المحلي، كل طرف من الاطراف السياسية يشدّ في اتجاه مصلحته وهذا حق مشروع، لأن من يعتبر ان هناك قانونا نافذًا من مصلحته ان يطبقه، ومن يعتبر ان لديه جمهورا اغترابيا لا يمكنه ان يتخلى عنه، من حقه خوض هذه المعركة.
أما البعد الثاني الذي يمثلنا، بغض النظر عما إذا كان يمثلنا داخليًا، يستفيد ام يتضرر، يجب ان يكون صوتنا كمغتربين حاضرا. وبغض النظر اذا ما كان هذا الصوت يصب لمصلحة فريق او آخر، لأننا كاغتراب لسنا مع فريق ضد الآخر بل نريد ان نشارك في العملية السياسية، واذا سافرنا للعمل في الخارج فلأن سوق العمل في لبنان ضيق، وبالتالي عندما “نتهجر” للعمل نبقى على تواصل مع البلد وندعمه. لا يمكن استبعادنا عن القرار السياسي في قرانا ومناطقنا ولا يهمنا ان يمثلنا نواب من الخارج. انا مقيم في السعودية والنائب المنتخب عن آسيا لن يحصّل لي حقوقي من الدولة التي أقيم فيها، والتي أحصل عليها اساساً من الدولة. كإبن الجنوب، ومن قرية الصواني قضاء مرجعيون أريد ان اصوت للنائب المرشح في هذه المنطقة، لأنني كمغترب في الدول القريبة اكان في الخليج العربي او افريقيا سأعود الى لبنان”.
ويرى الأمين ان “الاغتراب سيخوض معركة الـ128 نائبًا حتى آخر نفس، لكن في حال خسرناها لا سمح الله، فإن خيارنا الثاني سنشارك ونصوّت لستة نواب، لأننا نريد ان نثبت صوتنا، والخيار الاسوأ هو ان يتم إلغاء تصويت الاغتراب نهائيا، وهنا تكون المؤامرة اكتملت ضد المغترب اللبناني أيًا كانت طائفته او مذهبه او منطقته”.
ويختم الأمين: “اوجه نداء الى المغتربين المتأكدين انهم لن يتواجدوا في لبنان في فترة الانتخابات ان يتسجلوا عبر المنصة، ومن لم يقرر بعد، ان يؤجل تسجيله الى فترة لاحقة وان نواصل الضغط حتى يتم تعليق او الغاء المواد المتعلقة بـ6 نواب نهائيا”.