كتب وسام ابو حرفوش وليندا عازار في “الراي”:
فيما المنطقةُ تقف أمام تَحَوُّلٍ فوق عادي يُراد أن تَنطفئ معه «كرةُ نارِ» غزة في الذكرى الثانية لـ «طوفان الأقصى» وأن يشكّل منصةً لتكريس الواقع الجيو – سياسي، المرسَّم بـ «الأحرف الأولى»، في الشرق الجديد، يواجه لبنان مُنْحدراً بالغَ الخطورةِ يُخشى أن ينزلقَ معه إلى بداياتِ موجةٍ حربيةٍ جديدةٍ على مَتْنِ ملفّ سحْب سلاح «حزب الله» في الوقت الذي تزداد أيضاً مؤشراتُ أنه بات «جاذبة صواعق» وعنوان تَأزُّمٍ مُتَدَحْرِج داخلياً.
وعلى وقعِ انشغالِ عواصم القرار العربي والاقليمي والدولي بالساعات الحَرِجة الفاصلة عن بدء التنفيذ المُمَرْحَل لخطة الرئيس دونالد ترامب حول غزة عبر إطلاق الرهائن لدى «حماس»، وبالاستعداداتِ لإطلاقِ مفاوضاتٍ تتعاطى معها تل أبيب والحركةُ بوصفها ستمثّل اختباراً لـ «كشْف النيات» و«الخيط الأبيض من الأسود» في حقيقة ما يضمره الطرفان، يُمتحن لبنان الرسمي غداً على صعيد قاطرتيْ السلطة التنفيذية، أي رئاستيْ الجمهورية والوزراء، ومعهما الحكومةُ التي تَعقد جلسةً «تُحبس الأنفاس» بإزائها.
وبالكاد تَسنّى للمسؤولين اللبنانيين، التقصّي عمّا بعد جواب «حماس» على خطة ترامب، والذي ردّتْ فيه بالـ«نعَم» الكرةَ لمَلعبِ إسرائيل مُحْدِثة اهتزازاتٍ ظاهرية في علاقة بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي الذي أغفل الـ«ولكن» في ردِّ الحركة، وذلك في ضوء طغيان «طبولِ» معركةٍ وكأنها «كسْر عظام» بين «حزب الله» ورئيس الحكومة نواف سلام الذي يَرْفع الحزب مستوى تَحدّيه له ناقلاً إياه هذه المَرة من أمام صخرة الروشة إلى طاولةِ مجلس الوزراء.
فغداً «اثنين لبنانيّ» يَطَبَعه عنوانا التقرير الشهري الأول للجيش حول المرحلة الأولى من خطته لسحب سلاح «حزب الله» والتي ينفّذها في جنوب الليطاني (حتى نهاية ديسمبر)، وتداعيات «عاصفة الصخرة» التي أضيئت عليها صورتا السيد حسن نصرالله وهاشم صفي الدين (25 سبتمبر) خلافاً لتعميم سلام بمنْع إنارتها، وهو ما تمدَّدت ارتداداتُه مع بدء القضاء ملاحقة «المتمردّين» ثم طَلَب وزارة الداخلية حلّ جمعيّة «رسالات» (محسوبة على الحزب) لمخالفتها مَضمون الإذن الذي مُنح «عبرها» لإقامة الفاعلية.
ولم يكن عابراً أن جلسة الـ 10 بنود الوزارية، التي قُدّم موعدها من الخميس إلى الاثنين، بسبب إصرارِ رئيس الحكومة على عقدها بالتزامن مع مرور شهر بالتمام والكمال على تبنّي مجلس الوزراء خطة الجيش والطلب منه تقديم تقرير شهري عن مسار سحب السلاح، تصدَّر جدول أعمالها بندان سبقا المتعلّق بتقرير المؤسسة العسكرية وهما:
– عرض وزير العدل للإجراءات التي اتخذتها النيابة العامة التمييزية والمتعلقة بالتجمع في منطقة الروشة.
– طلب وزارة الداخلية حل جمعية الجمعية اللبنانية للفنون«رسالات»، وسحب العلم والخبر العائد لها لمخالفتها كتاب محافظ بيروت، ومخالفتها لنظامها الداخلي والموجبات التي التزمت بها عند نيل العلم والخبر، إضافة الى مخالفتها القوانين التي ترعى الأملاك العمومية والتعدي عليها واستعمالها لغايات غير مخصصة لها، وبما يمسّ بالنظام العام من دون ترخيصٍ أو موافقةٍ مسبقة.
وفي موازاة انشدادِ الأنظار إلى «الترسبات» التي مازالتْ عالقة في علاقة عون وسلام نتيجةِ ملاحظات الأخير على أداء القوى العسكرية والأمنية قبالة صخرة الروشة وعدم تدخُّلها لمنع إضاءة الصخرة وإعلاء رئيس الجمهورية لغة «الخط الأحمر» والدور «الأسمى» للجيش حفظ السلم الأهلي، لم يكن عادياً أن يَنْبري «حزب الله» إلى جَعْلِ جمعيةِ «رسالات» بمثابة «خط دفاع» أوّل جديد على «جبهة السلاح» الذي يعانِد بشدّة تسليمه شمال الليطاني، في مقابل تثبيت رئيس الحكومة مواقفه بما يَشي بأن «المواجهة الناعمة» مع عون لم تنته و«الخشنة» مع الحزب تتجه إلى مرحلة أقسى.
وفي هذا الإطار برز الآتي:
– تحذير نائب «حزب الله» حسن فضل الله لسلام من «تحدي» الحزب في موضوع جمعية «رسالات»، وقوله «كل ما يكون عندي كلام بمجلس النواب بدي قِلّو أنا أمثّل«رسالات»وقرارَك بلّوا واشرب ميتو»، مضيفاً:«ان شاء الله لا يُخطئوا ويتخذوا قرار سحب الترخيص، وربما كل احتفالاتنا سننظمها باسم «رسالات» وليُلاحِقْنا (…) وبالتحدي لا أحد يأخذ منا شيئاً».
– ذهاب نائب «حزب الله» علي المقداد إلى وصف «البند المتعلق بترخيص جمعية رسالات» بأنه «غير أخلاقي»، داعياً إلى«سحْبه»ومهدداً«إذا تجرأت هذه الحكومة أن تتخذ قراراً بقفل أو سحب ترخيص الجمعية، فسيكون لنا كلام آخر في السّياسة. ونحن لا نهدد، بل نمارس العمل السياسي».
وفي المقابل، أكد سلام أمام متضامنين معه «ان درء الفتنة لا يمكن أن يتمّ على حساب تطبيق القانون، بل العكس هو الصحيح، إذ إنّ درء الفتنة يتطلّب أن يشعر جميع المواطنين بأنّهم سواسية أمام القانون، وأنّ الدولة تحميهم».
وأضاف «مشروعنا كان ولايزال إعادة بناء الدولة. وكما أنّه لا دولة واحدة إلا بجيش واحد، فكذلك لا دولة واحدة إلا بقانون واحد يُطبَّق بالتساوي على الجميع، ولا يكون أحد فوقه وخارجاً عن المساءلة والمحاسبة».
وتزامنت مواقف سلام، مع تسطير النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، بلاغ بحثٍ وتحر بحق مراسل قناة «المنار» علي برو، لرفضه للمرة الثالثة المثول للتحقيق في قضية إضاءة صخرة الروشة والإساءة لرئيس الحكومة.
كما جرى استجواب أحد الأشخاص وهو ممن أحضر جهاز الليزر لإضاءة الصخرة فتُرِك رهن التحقيق بناء لإشارة الحجار، كما ذكر المستجوب اسم شخص جديد تم استدعاؤه للتحقيق يوم غد.
وفي حين تَبدو قضية «رسالات» و«أزمة الصخرة» وكأنها ثانوية في الشكل، إلا أنها تَعكس في عُمْقِها «صفائح ساخنة» تتحرّك على«صَدَع»سَحْبِ السلاح الذي تنفلش تشظياته في مختلف الاتجاهات، في ظلّ ما يشبه «الهجوم المُعاكس» الذي يشنه«حزب الله»، مدعوماً بمواقف إيرانية نافرة وتَشي بمزيد من «المتاعب» للبنان الرسمي، والأخطر ما تحذّر منه أوساط مطلعة لجهة احتمالِ وجود سيناريوهاتٍ شديدة القتامة ومفاجئة قد تطلّ برأسها بعد وَضْعِ خطة ترامب على سكة التنفيذ، ولا سيما عقب استعادة إسرائيل الرهائن، ويُخشى أن تكون مدجَّجة بحمولة تفجيرية على جبهة لبنان أو إيران في إطار مزدوج.
«جائزة كبرى» موازية
– تعويضِ تل أبيب «فرضَ» الخطة عليها وفق رؤية «واشنطن أولاً» بـ«جائزةٍ كبرى» موازية.
– و«توحيد الجبهات» اصطفافاً خلف «سلامٍ» يُراد أن تكون غزة«منصته» التي يوازيها الاتفاقُ الأمني الذي يُعمل عليه بين سورية واسرائيل، وهو ما قد يتطلّب استخدامَ «النار» سواء في اتجاه «رأس الأخطبوط» الإيراني، وفق توصيف تل ابيب، والذي عاد إلى دائرة العقوباتِ، أو «حزب الله».
إحراج لبنان
واستوقف الأوساط المطلعة مضيّ طهران في إحراج لبنان الرسمي والمؤسسة العسكرية بمواقف تَشي بأنها رسائل لمَن يعنيهم الأمر دولياً بأنّها سـ «تشدّ الحبل» بمواجهة ملامح مسار الانقضاض عليها ومحاولة وضعها «بين فكّيْ كماشة» دبلوماسي – سياسي وعسكري، من اليمن إلى «بلاد الأرز» خصوصاً في حال سلكتْ خطة ترامب طريقها كما هو مرسوم لها، وتالياً سَقَطَ الحجر الثاني في «دومينو» ضمور محور إيران (بعد نظام الأسدين في دمشق) بإخراجِ غزة من فلك تأثيرها.
قاسم
وعلى الموجة نفسها، أكد الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أن «الأميركيين تدخلوا في تركيبة الدولة اللبنانية للتحصيل بالسياسة ما عجزوا عنه بالحرب وأرادوا أن تكون هناك فتنة مع الجيش اللبناني أي أن يقاتل المقاومة وشعبها تحت شعار حصرية السلاح»، مضيفاً «الجيش اللبناني تصرف بحكمة وهناك عقل يريد أن يبني لبنان ولذلك الجيش والمقاومة كانا واضحين بهذا الأمر».
وفي إشارة اعتُبرت رسالة برسْم مَن يعتقدون أن بالإمكان «استنساخ» معادلة غزة (قبول الخطة أو الجحيم) على «حزب الله» لاحقاً، قال قاسم إن «إسرائيل تعمل لمشروع إسرائيل الكبرى، وأميركا تدعمها بشكل كامل، وأيّ تراجع يتمّ فهو تكتيكي بانتظار ظروف أفضل»، موضحاً أن «ما نراه في غزة هو جزء من مشروع إسرائيل الكبرى».
وقال «حين نواجه إسرائيل، فعلينا أن نواجهها كل من موقعه وبحسب قدرته وخطته»، مؤكِّداً أن «المقاومة الفلسطينية تقرر ما تراه مناسباً».
وأشار إلى أن «خطة ترامب في شأن غزة مليئة بالأخطار وتريد تجريد المقاومة من عناصر قوتها وهي خطة إسرائيلية بلبوس أميركيّ».
الجيش يقتل 4 مطلوبين في بعلبك
شهدت منطقة بعلبك أمس، اشتباكات عنيفة بين الجيش اللبناني ومطلوبين ما أدى إلى سقوط ما لا يقلّ عن 4 منهم.
وأعلن الجيش في بيان له تَعَرُّض أحد مراكزه في منطقة الشراونة – بعلبك لإطلاق قذيفة صاروخية نوع «آر بي جي»، ومراكز أخرى لرشقات نارية من مسلحين دون وقوع إصابات بين العسكريين الذين ردّوا على مصادر النيران.
وكانت دارت منذ الصباح اشتباكات مسلحة بين الجيش ومطلوبين في حي الشراونة، حيث أفيد عن مقتل المطلوب «ع.ع» وب.ز الملقّب بـ«السائق»، بالإضافة إلى اثنين من مرافقيه السوريين، خلال عمليات الدهم التي نفّذها الجيش الذي يقوم منذ فترة بتكثيف إجراءات مكافحة التهريب والمخدرات في البقاع وعموم لبنان.
ونقل موقع «النهار» الإلكتروني أن وحدات من الجيش ومديرية المخابرات تُنفّذ إجراءات ميدانية تهدف إلى إقفال المعابر والطرق غير الشرعية المستخدمة في عمليات التهريب في منطقة مشاريع القاع الحدودية مع سوريا، وفي مقدمها معبر النعمات، أحد أبرز المعابر النشطة في التهريب بين البلدين.
تعميم لبناني بمنْع «المعاقَبين دولياً» من التعامل بأي «بيع أو شراء أو استئجار»
أصدر وزير العدل اللبناني عادل نصار تعميماً إلى كتّاب العدل، تضمن منع كل مَن صدرت في حقه عقوبات دولية من أن يتعامل بأي عملية بيع أو شراء أو استئجار، وذلك في خطوة تنظيمية تهدف إلى دعم مسار التزام لبنان بمعايير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتحصينه أمام ضغوط «FATF».
واعترض نائب «حزب الله» علي المقداد على هذا التعميم، وسأل «هل وزير العدل هو وزير في الحكومة اللبنانية ام أن مهمته التماهي مع الإجراءات السياسية الأميركية؟ فكيف يمكنه أن يمنع كتاب العدل من إجراء أي معاملات رسمية أو عقود في دوائرهم للمواطنين اللبنانيين الذين فرضت عليهم الولايات المتحدة العقوبات؟ وأين يمكننا أن نجد في العالم مثل هذا الانصياع الهزيل إلى قرارات الادارة الأميركية الظالمة”؟