تنويهٌ دولي بحصر السلاح… اطمئنان لا يُطَمئن

تنويهٌ دولي بحصر السلاح… اطمئنان لا يُطَمئن
تنويهٌ دولي بحصر السلاح… اطمئنان لا يُطَمئن

كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في “الراي” الكويتية:

ماذا يعني تلقّي الرئيس اللبناني العماد جوزف عون في نحو 24 ساعة، ثاني ثناءٍ دولي على إدارته ملفّ حصر السلاح بيد الشرعية وسحْبه من «حزب الله»؟

هذا السؤال فَرَضَ نفسه مع كَشْفِ الرئاسة أن عون تلقى رسالةً من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حيّاه فيها على «القرارات الشجاعة التي اتخذتَها لتحقيق حصرية السلاح بيد القوات الشرعية اللبنانية»، مجدِّداً تصميمَه على تنظيم مؤتمرين لدعم لبنان قبل نهاية السنة «الأول لدعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة، حَجَر الزاوية في تحقيق السيادة الوطنية، والثاني لنهوض لبنان وإعادة الإعمار فيه»، ومؤكداً استمرار دعم باريس لـ «بلاد الأرز» في المجالات كافة.

واكتسب كلام ماكرون دلالاته لأنه جاء غداة مشاركته في «قمة السلام» التاريخية في شرم الشيخ، كما إطلالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام الكنيست الإسرائيلي على «العمل الجيد جداً الذي يقوم به الرئيس اللبناني الجديد في مهمّته لنزع سلاح كتائب حزب الله الإرهابية»، وهما الموقفان اللذان عكسا ارتياحاً والتباساً مشوباً بارتياب.

ففي حين اعتبرت أوساط مطلعة أن ما أعلناه ترامب وماكرون يؤشر في شكلٍ لا يحتمل التأويل إلى أن لبنان ورغم غيابه عن «غرفة عمليات قيادة» استيلاد الشرق الجديد هو في صلب الاهتمام الدولي ومن ضمن «قوس المصالح» الأميركية في المنطقة، فإنّ أبعاد هذين الموقفين ومَفاعيلهما راوحت بين حدّين:

– الأول أثارَ علاماتِ استفهامٍ حول هل ما قاله ترامب خصوصاً ثم ماكرون كافٍ لجعْل لبنان يَطْمئنّ إلى أن شَبَح حرب إسرائيلية جديدة لفرض نزع سلاح «حزب الله» بتوقيت تل أبيب أي «الآن وليس غداً» ابتعد، وأن ثمة تَفَهُّماً دولياً لحاجة بيروت إلى بتّ هذا الملف على نار هادئة تراعي مقتضيات تعقيدات الوضع اللبناني وحِفْظ السلم الأهلي وفي إطارٍ سياسي داخلي؟ وهل يكون تأكيدُ رئيس الجمهورية «أن لبنان لا يمكنه أن يعاكس مسار التفاوض الإقليمي» ودعوته إلى مفاوضاتٍ مع إسرائيل «لحلّ المشاكل العالقة» تارِكاً شكْلها «إلى حينه»، بمثابةِ حافزٍ دبلوماسي لواشنطن لرعايةِ إطارِ ناظمٍ لحلّ مستدام بين بيروت وتل أبيب على قاعدة «تَجفيف» وظيفةِ سلاح «حزب الله» وذرائعها، وقول عون إن «الذخيرة مثل الدواء لها عمر وفاعلية، ومتى تجاوزت العمر المقدر لها تصبح خطرة على مَن يقتنيها»؟

– والثاني اعتبر أن السيناريو الأول ينطوي على تبسيط في ضوء التعاطي مع موقف الرئيس الأميركي (وماكرون) على أنه في إطار حضّ لبنان على الإسراع في إنجاز ملف سحب السلاح وليس إبطاء سرعته، كي يملأ المقعد «المحفوظ له» في «سلام ترامب» و«الشرق الجديد».

وذكّر أصحاب هذه القراءة بما قاله ترامب، الاثنين، بأن «إعادة إعمار غزة تتطلب أن تكون منزوعةَ السلاح (…) ولانريد أن نرصد الأموال لأي حمام دماء… فقط إعادة الإعمار ونزْع السلاح وتأسيس الشرطة ليكون الشرق الأوسط مكاناً آمناً»، معتبرة أن هذا هو السقف البدهي لِما سينطبق على لبنان وكل المنطقة، ومشيرةً إلى أن تحديد ماكرون نهاية السنة كموعد لمؤتمري دعم الجيش وإعادة الإعمار يَفترض أن يكون قطار سَحْبُ سلاح «حزب الله» قطع شوطاً كبيراً في اتجاهه بحلول هذا الموعد وخصوصاً في ظل صعوبة تَصَوُّر أن ترصد الدول المانحة أموالاً لإعادة البناء قبل أن تتأكد من أنها ستكون «لمرة واحدة وأخيرة» كما في غزة… كذلك في لبنان.

وفي الإطار نفسه، تحاذر أوساط مطلعة الإفراط في التقديرات بأن حظوظ الحرب على لبنان تضاءلت في ضوء القلق الذي خيّم على مصير اتفاق غزة في مراحله اللاحقة المزروعة بأفخاخ عدة، من نزع سلاح «حماس»، والانسحاب الإسرائيلي من القطاع، إلى الهيئة الدولية التي ستشرف على إدارة غزة، والترتيبات الأمنية، مروراً باللغم الذي برز أمس ويتمثّل في إعادة جثامين الرهائن الإسرائيليين وما تسبّب به من رفع سقوف التفاوضِ إلى حافة التهديد بإعلان فشل الاتفاق.

ووفق هذه الأوساط، فإنه رغم الرعاية «العالمية» لاتفاق غزة بوصفه المدماك لسلام الشرق الأوساط، فإنّ حجم الاختبارات التي تنتظره والتي تشي بـ «ليّ أذرع» قاسٍ في كل مرحلة منه، تُبْقي احتمالات هروب بنيامين نتنياهو إلى لبنان لمحاولة فرض حقائق جديدة تسرّع في قضية سلاح «حزب الله» سواء سلكت خطة غزة مساراً سلساً أو تفرْملت.

غارة إسرائيلية وتحرك دبابات

وفي حين نفّذت مسيّرة إسرائيلية اليوم الثلاثاء، غارة بين بلدتي تبنين وحاريص في جنوب لبنان بالتوازي مع رصد تحرك لـ4 دبابات «ميركافا» في موقعي جل الدير والمالكية اثناء توجه أهالي بلدة عيترون إلى كروم الزيتون للمرة الأولى منذ وقف النار (27 تشرين الثاني)، فإن الأوساط نفسها رأت أن ما يعزّز فرضية أن حرباً جديدة على «حزب الله» لم تسقط يتمثّل ليس فقط في أن الحزب مازال على معاندته تسليم سلاحه بل ايضاً في في اعتبار البعض أن مثل هذه الضربة «الأخيرة» ربما تكون في سياق استباقي لمواجهة حاسمة هذه المرة مع إيران، ما لم تكن التحقت بالنظام الاقليمي الجديد الذي باتت أرضيته جاهزة وقاعدته انتهاء مرحلة «انتفاخ» الدور والنفوذ الإقليمي لطهران و«عودة إيران إلى إيران»، وفي حال اضطر ترامب لمعاودة تفعيل معادلة «السلام عبر القوة».

اتفاق لبناني – سوري

في موازاة ذلك، اتجهت الأنظار إلى زيارة وزير العدل السوري مظهر الويسي لبيروت بعد أربعة أيام من المحطة البارزة لوزير خارجية بلاده أسعد الشيباني للبنان.

وأعلنت وزارة العدل اللبنانية في بيان أنه «في ضوء الاجتماع الذي عقد بين الوفد اللبناني برئاسة الوزير عادل نصار والوفد السوري برئاسة الويسي والذي استمر نحو الساعتين، في المقر السابق لرئاسة الحكومة وفي حضور نائب رئيس الوزراء اللبناني طارق متري، تم تحقيق خطوات متقدمة جداً لجهة إنجاز مسودة اتفاقية قضائية» في ما خص موضوع الموقوفين والسجناء السوريين.

وبحسب البيان، فقد ساد الاجتماع «جو إيجابي ومثمر، وحصل تَقدّم ممتاز في كل الملفات المطروحة. وقد أعطى وزير العدل السوري وعداً رسمياً للوزير نصار بمتابعة حثيثة لمطالبه، وتم الاتفاق على ما يلي:

أ – توفير الدعم الكامل لعمل لجنة المتابعة لملف المخفيين (اللبنانيين) قسراً.

ب – تسليم كل المعلومات المتوافرة لدى الجانب السوري عن الأعمال الأمنية التي حصلت في لبنان إبان عهد النظام السوري ولا سيما الاغتيالات السياسية.

ج – البحث عن الفارين من العدالة في لبنان إلى سوريا وتسليمهم إلى السلطات اللبنانية».

وأشار إلى أن «إنجاز هذا التقدم جاء نتيجة اجتماعات ووضع عناصر اتفاقية بدأتها وزارة العدل الشهر الماضي، على أن تُستكمل بخطوات ولقاءات إضافية خلال المرحلة المقبلة لتعزيز العلاقات بين البلدين. كما ابدى الطرفان حرصهما على احترام سيادة الدولتين».

وكان نصار قال بعد لقائه نظيره السوري إنه تمت «المناقشة في صوغ اتفاقية وقدّمنا خطوات جدية لإنهاء نصّها في إطار قانوني، علماً أنه في ما خص الاستثناءات فهي لا تشمل جرائم القتل المدنية والعسكرية اللبنانية وجرائم الاغتصاب».

وأكد «ألا جدول زمنياً لإنهاء هذا الملف ولكن هناك أطراً قانونية على الجانبين احترامها، ويجب أن يكون العمل بأسرع وقت والمهم التأكيد على سيادة الدولتين ورغبة التعاون لدى الطرفين»

في المقابل، قال وزير العدل السوري «نبحث التعاون القضائي مع لبنان على كل الصعد وليس قضية الموقوفين السوريين حصراً، وكل القرارات ستقوم على مبادئ العدالة والسيادة، ووجهات النظر قريبة».

ووفق مصادر مطلعة لـ «سكاي نيوز عربية»، يُنتظر أن يتم الاتفاق على آلية قضائية لتسليم عدد من الموقوفين الذين اعتُقلوا في لبنان خلال الأعوام الماضية بتهم تتعلق بانتمائهم إلى مجموعات مرتبطة بالثورة السورية، مع بحث إمكان تسريع محاكمات آخَرين تمهيداً لإطلاق سراحهم.

يُذكر أن الوفد القضائي السوري زار سجن رومية المركزي حيث التقى عدداً من الموقوفين السوريين واطلع على أوضاعهم.

ومعلوم أن هناك أكثر من 2000 سوري موقفين في لبنان ويشكلون نحو ثلث إجمالي السجناء، وفق ما كان كشفه مصدر قضائي لـ «فرانس برس»، موضحاً أن «نحو 700 منهم يستوفون شروط التسليم، لكن الأمر يتطلب اتفاقية جديدة بين البلدين».

ومن هؤلاء السجناء السوريين، مئات الموقوفين بتهم «إرهاب» والانتماء إلى تنظيمات متشددة وفصائل مسلحة، وقد أحيلوا على المحكمة العسكرية، وآخرون متهمون بشن هجمات ضد الجيش اللبناني في مناطق حدودية في ذروة النزاع السوري الذي اندلع عام 2011.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وليد وتيمور جنبلاط يعزيان بوفاة دبلوماسيين قطريين في مصر
التالى يزبك: المجلس النيابي هو مجلس الشعب