ساعات معدودة قبيل الانقطاع الشامل

ساعات معدودة قبيل الانقطاع الشامل
ساعات معدودة قبيل الانقطاع الشامل

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

تعود أزمة الكهرباء لتتصدّر المشهد اللبناني مجددًا، وهذه المرة في توقيت بالغ الحساسية مع اقتراب موسم الأعياد. فالمؤشرات المتراكمة خلال الأيام الماضية تقود إلى خلاصة واحدة: البلاد تتجه إلى أسابيع صعبة من التقنين القاسي، وربما نحو عتمة شبه شاملة، مع اقتراب معمل دير عمار من التوقف الكامل خلال أيام قليلة.

فباخرة الفيول تأخرت ولن تصل قبل يوم الجمعة، وستتوجه بداية إلى معمل الزهراني لإجراء الفحوصات الروتينية للعيّنة، وهي خطوة تستغرق ما لا يقل عن ثلاثة أيام قبل بدء التفريغ. ما يعني أن أي إنتاج فعلي من الزهراني لن يُسجّل قبل مطلع الأسبوع المقبل. بعد ذلك، ستبحر الباخرة نحو دير عمار، حيث يُفترض البدء بتفريغ الكمية المخصصة له يوم الخميس المقبل في أفضل الأحوال.

في المقابل، علمت “نداء الوطن” بأن معمل دير عمار أمام ساعات أخيرة قبل الإطفاء القسري صباح السبت بسبب نفاد الفيول. هذا التوقف سيضرب الشمال مباشرة: طرابلس، المنية، الضنية وعكار التي تستفيد أساسًا من إنتاج هذا المعمل. والمؤشرات الأولية من مؤسسة كهرباء لبنان تؤكد أن المؤسسة بدأت فعلًا بخفض ساعات الإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة، بحيث بات المواطنون يشعرون بالفارق الحاد منذ يومين، في ظل تغذية تتراجع ساعة بعد ساعة.

اللافت أن الأزمة ليست مفاجِئة، بل كانت متوقعة بالكامل. فالمؤسسة تعرف سلفًا مواعيد نفاد الفيول، وتعرف أن البواخر تخضع لفحوصات تستغرق أيامًا، ومع ذلك يتكرر السيناريو نفسه في كل مرة: وصول متأخر، تفريغ متأخر، ثم دخول البلاد في مرحلة “اللاكهرباء”. وهذا النمط يكشف خللًا بنيويًا في الإدارة والتخطيط، ويجعل أي حديث عن استقرار في الإنتاج ضربًا من الخيال.

ومع اقتراب فترة الأعياد، يتجه اللبنانيون إلى واقع أكثر قتامة: معمل الزهراني سيعمل بكامل طاقته السبت، فيما سيبقى دير عمار مطفأ حتى الأربعاء أو الخميس المقبلين. النتيجة: الشمال سيدخل في أيام طويلة من الظلام، أو سيبقى مع مناطق أخرى تحت رحمة توزيع الأحمال.

وككل مرة ،يحمّل المواطن مسؤولية تأمين الكهرباء أو الفيول، التي هي في الأساس مسؤولية الدولة والوزارات المعنية. ومرة جديدة، يجد المواطن نفسه وحيدًا أمام دولة عاجزة، ومؤسسة كهرباء لا تؤمّن الحدّ الأدنى من الانتظام. وفي حال لم تُعالج فجوة الفيول فورًا، فإن لبنان مقبل على واحدة من أقسى مراحل التقنين منذ سنوات، في مشهد يعكس عمق الانهيار أكثر مما يعكس أزمة طارئة عابرة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ابن الخيام ربح جائزة اللوتو الكبرى
التالى الاوضاع العامة بين قائد الجيش وجهاد الصمد