تخيم منذ أسابيع سحابة كثيفة من الضباب الإشعاعي على وادي كاليفورنيا الأوسط، في ظاهرة مناخية موسمية تحولت إلى أزمة صحية وبيئية حقيقية.
وما بدا في البداية كضباب عادي، سرعان ما كشف عن خطورته عندما بدأ السكان بالإبلاغ عن أعراض صحية غريبة. وكان جيرالد ديبرالانتا، أحد سكان مدينة تراسي، من أوائل من لاحظوا العلاقة، حيث عانى هو وعائلته من سعال شديد واحتقان دام لأكثر من أسبوع. وقال ديبرالانتا بينما كان يشارك مقاطع فيديو تظهر سيارته مغطاة بطبقة بيضاء غريبة، لم تكن مجرد قطرات ماء بل مادة أشبه بالغبار تلتصق بالأسطح: "أبقينا أجهزة الاستنشاق الخاصة بالأطفال قريبة، ونحاول إبقاءهم في الداخل قدر الإمكان".
لكن الخبراء يوضحون أن الضباب نفسه ليس هو المتهم المباشر. فالضباب الإشعاعي، المعروف أيضا باسم "ضباب تول"، هو ظاهرة طبيعية تتكون عندما تبرد الأرض بسرعة بعد غروب الشمس. ويكمن الخطر الحقيقي في ما يصاحب هذه الظاهرة، وهو الانقلاب الحراري، حيث تعمل طبقة من الهواء الدافئ كغطاء يحبس تحتها الهواء البارد والضباب، ومعهم كل الملوثات التي تنبعث من سطح الأرض.
وتحت هذا الغطاء غير المرئي، تتراكم عوادم السيارات وأبخرة المصانع ودخان المواقد وغبار المزارع، لتشكل خليطا ساما يعلق في الهواء الذي يتنفسه السكان. وتتسلل الجسيمات الدقيقة، المعروفة علميا باسم PM2.5، إلى الرئتين وحتى مجرى الدم، ما يسبب تهيجا شديدا في الجهاز التنفسي ويفاقم أمراضا مثل الربو، ويزيد من معدلات الذهاب إلى غرف الطوارئ في المستشفيات.
ولا يقتصر الخطر على الصحة فحسب، فالضباب الكثيف يحول الطرق إلى مسارات موت. ويحكي تاريخ وادي كاليفورنيا الأوسط قصصا مأساوية عن حوادث مرورية جماعية سببها انعدام الرؤية. ففي نوفمبر 2007، تسبب الضباب في حادث مروع اشتمل على 108 مركبة وأغلق الطريق السريع 99 لأكثر من 12 ساعة. (روسيا اليوم)




