في خطوة تعكس انفتاحًا اقتصاديًا متجددًا، تشارك الجمهورية العربية السورية بوفد رفيع المستوى برئاسة السيد الرئيس، أحمد الشرع، في فعاليات النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (FII9)، في العاصمة السعودية الرياض.
وتأتي هذه المشاركة في إطار مساعي تعزيز التعاون العربي وبناء جسور اقتصادية جديدة، مع تركيز خاص على استقطاب الاستثمارات لدعم عمليات إعادة الإعمار وتعزيز التحول الرقمي في سوريَة، كرافد أساسي لتعافي الاقتصاد السوري بعد سنوات طويلة من الحرب.
لقاءات مهمة:
شكلت مشاركة الرئيس، أحمد الشرع، الشرع محورًا أساسيًا في أجندة المشاركة السورية، حيث قاد سلسلة من اللقاءات المهمة، التي هدفت إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع المملكة العربية السعودية، وقد تمحورت هذه اللقاءات حول:
1- الشراكات التقنية والرقمية:
في إشارة إلى الأولوية القصوى للتحول الرقمي، التقى الرئيس، أحمد الشرع، بكل من الأستاذ، عليان الوتيد، الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات السعودية (STC)، والسيد، يزيد الحميد، نائب محافظ صندوق الاستثمارات العامة.
وجرى خلال اللقاء، بحضور معالي الخارجية والمغتربين، أسعد حسن الشيباني، ومعالي وزير الاتصالات وتقانة المعلومات،عبد السلام هيكل، بحث سبل التعاون في مجالات الاتصالات المتطورة والبنية التحتية الرقمية، مما يمهد الطريق لاستثمارات سعودية محتملة في هذا القطاع الحيوي في سوريا.
2- تعزيز الاستثمار وإعادة الإعمار:
في إطار متصل، اجتمع الرئيس أحمد الشرع مع معالي وزير الاستثمار السعودي، خالد بن عبد العزيز الفالح، حيث ناقش الجانبان آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، وسبل تعزيز الشراكات في مجالات التنمية وإعادة الإعمار، بما يدعم مسيرة التعافي الاقتصادي في سوريا.
وفي نفس الإطار، عقد الرئيس، أحمد الشرع، اجتماعًا مع رئيسي مجلس إدارة البنك السعودي الفرنسي (BSF) الأستاذ مازن الرميح، ومصرف الإنماء الأستاذ عبد الملك الحقيل، وحضر الاجتماع وزير الخارجية والمغتربين، أسعد الشيباني، ووزير الاقتصاد والصناعة، نضال الشعار، ووزير المالية، محمد برنيه، حيث تم استعراض سبل تعزيز التعاون المالي والمصرفي بين البلدين، بما يسهم في دعم المشاريع الاستثمارية والتنموية في سوريَة، وعقبها التقى الرئيس الشرع مع معالي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية،محمد الجاسر.
3- لقاءات مع كبار رجال الأعمال:
لتوسيع نطاق الشراكات، التقى فخامة الرئيس بسمو الأمير نايف بن سلطان آل سعود، رئيس مجلس إدارة شركة المراعي السعودية، كما التقى بالسيد أحمد شاهيني، نائب الرئيس التنفيذي لشركة “سالك” السعودية، مما يؤكد على اهتمام القطاع الخاص السعودي بفرص الاستثمار في سوريا.
كما اجتمع الرئيس الشرع مع عددٍ من كبار المستثمرين الدوليين، على هامش أعمال مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في العاصمة السعودية الرياض، وناقش مع الحضور فرص التعاون والاستثمار والمشاريع المستقبلية في سوريَة.
منصة عالمية لرسم ملامح الغد:
يُعدّ مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار أحد أبرز المنصات الاقتصادية العالمية تأثيرًا، حيث يجمع هذا العام تحت شعار “مفتاح الازدهار” قادة أكثر من 20 دولة، من بينهم رؤساء سوريَة والعراق وباكستان وموريتانيا وبنغلاديش وكوبا وملك الأردن، إلى جانب نائب الرئيس الصيني، كما يشارك في فعالياته ما يقارب 8000 مشارك، بينهم 40 وزيراً و600 متحدث يمثلون حكومات وشركات كبرى وصناديق استثمارية عالمية.
وانعكست أهمية هذه المنصة خلال انعقاد اجتماع “الطاولة المستديرة” السوري- السعودي، الذي ضم وفدًا سوريًا رفيعا وهم أصحاب المعالي وزيرالاقتصاد والصناعة، الدكتور نضال الشعار، ووزير االمالية، محمد يسر برنية، ووزيرالطاقة المهندس محمد البشير، ووزيرالاتصالات وتقانة المعلومات، عبد السلام هيكل، ومدير هيئة الاستثمار السورية، طلال الهلالي، حيث مثل ذلك الاجتماع إطارًا مؤسسيًا لبحث فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري وتعزيز الشراكات الثنائية بشكل عملي.
لقاء النخب السورية.. رؤية نحو المستقبل:
كما شهدت فعاليات المؤتمر عقد “لقاء النخب السورية”، في العاصمة الرياض، الذي حظي بمشاركة واسعة من الشخصيات الاقتصادية والاستثمارية البارزة.
وأكد معالي وزير الاقتصاد والصناعة،الدكتور نضال الشعار، في كلمته خلال اللقاء، “أهمية بناء شراكات اقتصادية متينة مع المملكة العربية السعودية”، مشيدًا بدورها الحيوي في دعم جهود إعادة إعمار سوريَة وتنشيط قطاعاتها الإنتاجية والتجارية.
وتناول اللقاء سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وآفاق الاستثمار المشترك في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية، واستعراض الفرص المتاحة لدعم التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار في سوريَة.
التحول الرقمي.. حجر زاوية للتعافي:
وفي تحليل متعمق لأهمية هذا التوجه، يرى الخبير التقني، طلال هاشم، في حديثه إلى موقع (البوابة التقنية)، أن “مشاركة سوريَة في هذا المحفل العالمي، والتركيز في لقاءاتها على شريك إستراتيجي مثل المملكة العربية السعودية، يُرسل رسالة ثقة مهمة للأسواق العالمية. فالاستثمار في التحول الرقمي ليس ترفًا، بل هو استثمار في البنية التحتية للقرن الحادي والعشرين”.
ويضيف هاشم: “بالنسبة لسوريَة التي خرجت من حرب مدمرة استمرت لنحو 14 عاماً، يمكن للتحول الرقمي أن يقفز بالقطاعات الخدمية والصناعية، ويوفر حلاً لمشكلات مزمنة عبر تبني التقنية في الإدارة والخدمات، مما يسهم في خلق فرص عمل نوعية للشباب ويضع أساساً لاقتصاد معرفي قوي يكون ركيزة للتعافي المستدام. التعاون مع شركات رائدة مثل شركة الاتصالات السعودية STC يمكن أن يسرع عملية إعادة الإعمار الرقمي بشكل كبير”.
آفاق مستقبلية واعدة:
تشير حصيلة المشاركة السورية في المؤتمر إلى توجه جاد لإعادة دمج سوريَة في المحيط الاقتصادي العربي والدولي، وقد نجح الوفد السوري في استعراض الفرص الاستثمارية الواعدة في البلاد، لاسيما في قطاعات الاتصالات والطاقة والبنية التحتية، والتي تشكل أولوية في مرحلة إعادة الإعمار.
الجدير بالذكر أن المؤتمر يستمر حتى 30 أكتوبر، ومن المتوقع أن نشهد توقيع العديد والاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تكرس التعاون الاقتصادي بين سوريَة والمملكة العربية السعودية، مما يعكس إرادة سياسية راسخة من الجانبين لفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، تكون قائمة على المصالح المشتركة والشراكة الإستراتيجية التي تخدم شعبَي البلدين، وتسهم في تحقيق التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
المصدر: البوابة العربية للأخبار التقنية




