هل يمكن للحكومة ورئيس الجمهورية إصدار قانون معجّل إذا تخلف مجلس النواب؟

هل يمكن للحكومة ورئيس الجمهورية إصدار قانون معجّل إذا تخلف مجلس النواب؟
هل يمكن للحكومة ورئيس الجمهورية إصدار قانون معجّل إذا تخلف مجلس النواب؟

كتب طوني عطية في “نداء الوطن”:

في ظلّ النقاش الدائر حول حق المغتربين في التصويت من الخارج، يبرز سؤال دستوري أساس: هل بوسع الحكومة ورئيس الجمهورية أن يصدرا قانونًا في حال تراخى مجلس النواب في إقراره؟ الجواب الدستوري نعم. وذلك استنادًا إلى المادة 58 من الدستور اللبناني، التي تنص على ما يلي:

“كل مشروع قانون تقرر الحكومة كونه مستعجلاً بموجب مرسوم، يمكنها أن تطرحه على المجلس. وعلى الأخير أن يبت به خلال أربعين يومًا. وإذا انقضت هذه المدة من دون أن يبت المجلس بالمشروع، فلرئيس الجمهورية أن يصدره بمرسوم بعد موافقة مجلس الوزراء”.

هذا النص الدستوري يخوّل السلطة التنفيذية حقين مهمين في الحالات التي يتعذّر فيها على مجلس النواب إقرار مشاريع القوانين المعجّلة خلال المهلة المحددة. بعبارة أخرى، إذا أصدرت الحكومة مشروع قانون بصفة الاستعجال، وأُحيل إلى مجلس النواب ولم يتم البت فيه خلال أربعين يومًا بعد الإدراج والتلاوة، يُصبح من حق رئيس الجمهورية أن يصدر المشروع بمرسوم تنفيذي، شريطة موافقة مجلس الوزراء.

من اقتراح معجّل مكرر إلى مرسوم تنفيذ دستوري

في السياق التشريعي الداخلي، ورد في المادة 110 من النظام الداخلي لمجلس النواب اللبناني:

“للحكومة ولأي من النواب مع تقديم مشروع أو اقتراح قانون أن يطلب بمذكرة معلّلة مناقشته بصورة الاستعجال المكرّر شرط أن يكون مؤلفًا من مادّة وحيدة”.

هذا يعني أن أي نائب، أو الحكومة، يمكنهما تقديم اقتراح قانون مكوَّن من مادة واحدة فقط مع طلب مناقشته بصورة “معجلة مكرّرة”. لكن على الرغم من هذا الحق، طالما أن رئيس مجلس النواب لا يدرج الاقتراح على جدول أعمال الهيئة العامة، فإن هذا الحق يبقى معطّلًا من الناحية العملية. وقد أُشير في ما بعد إلى أن رئيس المجلس في بعض الحالات تجاهل المذكرات والعرائض التي استندت إلى المادة 110، مما أعاق السير التشريعي لملفات مهمة.

وفقًا لمصادر قانونية وتصريحات، قدّمت عرائض نيابية تطالب بإدراج اقتراحات معجّلة مكرّرة بحق المغتربين، ووقّع عليها عدد كبير من النواب يشكلون غالبية وازنة، إلا أنها لم تُدرج على جدول الأعمال. وهنا يطرح السؤال: ما جدوى وجود نصوص داخلية إذا كان تطبيقها خاضعًا لإرادة رئاسة المجلس حصرًا؟

صوت المغتربين: من يحرره؟

إن موضوع حقوق المغتربين في التصويت من الخارج يمثل نقطة حسّاسة في المعادلة الانتخابية. فلو أُتيح للمغتربين أن يُصوِّتوا في دوائر سجل نفوسهم في لبنان، يمكن أن يغيّر ذلك معادلات القوة داخل المجلس النيابي.

لكن طالما اقتراح القانون المعجّل المكرّر لم يُدرَج على جدول الأعمال، وطُرِح بأعداد نيابية كبيرة ولم يُعطَ التفعيل اللازم، بل حتى تجاهله رئيس المجلس، فإن الباب يبقى مفتوحًا أمام ممارسة الصلاحية الدستورية في المادة 58.

بما أن الدستور يعطي الحكومة ورئيس الجمهورية سلطة إصدار القانون في حال عجز البرلمان عن اتخاذ القرار، فإن المسؤولية تقع على عاتق الثلاثية:

• الحكومة: أن ترفع المشروع المعجّل بموافقة مجلس الوزراء.

• مجلس الوزراء: أن يعتمد المشروع والاستعجال.

• رئيس الجمهورية: أن يصدر المرسوم التنفيذي إذا انقضت المهلة من دون البتّ البرلماني.

من يفكّ الحصار؟

في النهاية، يبقى السؤال السياسي الأبرز: من سيخطو أولًا؟ هل تبادر الحكومة ورئيسها، أو رئيس الجمهورية بموافقة مجلس الوزراء، إلى تفعيل صلاحية المادة 58 وإقرار قانون معجّل يحرر صوت المغتربين؟

وهل يتجاهل رئيس مجلس النواب إرادة مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية وغالبية النواب، فيما يقف المجتمع الدولي مترقبًا لمسار الاستحقاق الديمقراطي في لبنان؟

إن مصير حق المغتربين في التصويت لم يعد مجرد تفصيل انتخابي، بل اختبار حقيقي لإرادة التغيير والإصلاح، ولقدرة النظام السياسي على كسر الحلقة المفرغة من التعطيل.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق طريق “البيجر” من “الموساد” إلى “الحزب”
التالى يزبك: المجلس النيابي هو مجلس الشعب