كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
بين حرب الديناميت، وحرب إسرائيل، وإهمال الدولة، ضاعت مهنة الصيد البحري، وسُجل تراجعٌ كبير وصل إلى حدّ 80 % في سابقةٍ في تاريخ هذه المهنة التي يعتاش منها جنوبًا ما يفوق 800 عائلة، بات مصيرها متأرجحًا غير واضح.
من الناقورة، آخر نقطة حدوديّة بحريًا، حتى الصرفند في عمق الجنوب، الواقع واحد؛
في الناقورة، يتعرّض صيّادو “ميناء الناقورة” لاعتداءات تكاد تكون يومية من قبل بحرية الجيش الإسرائيلي التي ترمِي القنابل الصوتية مباشرةً على كل صيّاد يقترب من المياه الإقليمية.
تراجع إنتاج السمك في الناقورة بشكل كبير؛ ينتج كلّ صيّاد تقريبًا بين 10 و 11 كيلو يوميًا، بعد أن كان الإنتاج مضاعفًا قبل الحرب، يقول محمد عطوي، صاحب إحدى المسامك في الناقورة ويشير إلى أن كلفة خسائره تراوحت بين 30 و 40 ألف دولار “والحبل على الجرّار”.
خسائر كبيرة لحقت بصيّادي الأسماك من الناقورة حتى الصرفند، وإذا كانت الحرب قد أرخت بثقلها على صيّادي الناقورة، فإن حرب الديناميت قضت على الأسماك في صور والصرفند، وخلفت خسائر كبيرة في إنتاج السمك الذي تراجع بحدود 90 في المئة.
والأخطر أنه قضى على السمك الصالح للأكل، وأتى بأسماك كـ “النفاخية” و”كلب البحر” المُضرّة.
“الصيّادون المدعومون” في الصرفند
في ميناء الصرفند، تعلو صرخة الصيّادين الذين يواجهون ظروفًا معيشيّة صعبة، بسبب محاربة مهنتهم بالصيد الجائر من قبل بعض “الصيّادين المدعومين”، الذين يصطادون بالديناميت، ما قضى على الثروة السمكية.
يقول الصيّاد محمد صالح: “المهنة تُحارَب من قبل المتعدين عليها، وهؤلاء مدعومون”. لم يتمّ توقيف أحد من صيّادي الديناميت، كما يُطلق عليهم في ميناء الصرفند، “لا يوجد محاسبة، وإن تمّ توقيف أحد يُطلق سراحه بعد ساعات، أو يأخذ نقاهة”، بحسب صالح.
ويضيف:”الصيّادون غير الشرعيين يجب أن يُطرَدوا من البحر، 500 بحّار يواجهون خطر خسارة مهنتهم بسبب هؤلاء، والظروف المعيشية تزداد قساوة… إذا لم نَصطَد، لا نعيش”.
يُضطرّ صالح للعمل أكثر من 12 ساعة يوميًا ليتمكّن من الصيد، بعد أن كان يعمل 4 ساعات وتدرّ عليه شبكته خيرات البحر.
نقيب صيّادي صور
تراجعت خيرات بحر صور والصرفند والناقورة بشكل كبير، ما انعكس على واقع المهنة التي تعيش أسوأ مراحلها، بحسب نقيب صيادي صور سامي رزق، الذي لا يتردّد بالقول إن “800 صياد يواجهون اليوم واقعًا صعبًا بسبب الوضع الأمني، والصيد الجائر، وإهمال الدولة، وبين هذه العوامل الثلاثة تمرّ المهنة بتاريخ صعب جدًا”.
فرض الصيد بالديناميت تداعياته السلبية على البحر. لا يُخفي رزق أن “مواسم كثيرة من السمك بدأت تُفقد، ودخلت إلى بحرنا أسماك ضارّة وسامّة كالنفاخية وكلب البحر وغيرها، وهي غير صالحة للأكل، وهذا ألحق أضرارًا بالغة بالقطاع”.
ولا يكفي ما يُعانيه صيادو الأسماك في البحر، بل يتعرّضون للمنافسة والاحتكار في المسامك، بحيث تفرض بعض المسامك أسعارًا متدنية على الصياد، في حين تبيع الأسماك بأسعار خيالية، ما يضاعف خسارة الصياد.
ويُضاف إليها، بحسب رزق، “منافسة السمك المحلّي بالمُثلّج، وهو أيضًا أدّى إلى انتكاسة كبرى لدى الصيادين”، بحيث يُباع كيلو الأجاج بـ 8 دولارات، والسلطان إبراهيم بـ 6 دولارات.
كلّ هذه المعاناة والانتكاسات ووزارة الزراعة الوصية على هذا القطاع غائبة عن السمع.”ما نريده”، بحسب رزق، “تطبيق القوانين الأوروبية على قطاع الصيد، بينما الصياد بلا أكل، وهيدي ما بتزبط”.




