أطلقت اللبنانية الأولى نعمت عون، قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا، برنامج “جيل المواطنية” الذي تندرج في إطاره مبادرة “مدرسة المواطنية” كأولى ركائزه، في حضور نائب رئيس الحكومة الدكتور طارق متري، والوزراء ريما كرامي، عادل نصار، لورا الخازن لحود، جو عيسى الخوري، حنين السيد، كمال شحاده، نورا بيراقداريان، فادي مكي، محمد حيدر، بول مرقص وتمارا الزين، والنواب إدكار طرابلسي، حسن مراد وانطوان حبشي، الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة، عقيلتي رئيسي مجلس النواب رنده بري والحكومة لمى سلام، وعدد من السفراء ورؤساء الجامعات والنقابات التعليمية، وممثلي المدارس وعدد من المديرين العامين وممثلي قادة الأجهزة الأمنية وداعمي المشروع وجمعيات غير حكومية وجامعية وعن وسائل الإعلام المحلية والعربية والاجنبية.
بعد النشيد الوطني، ألقت عون كلمة، رحبت فيها بالحضور، وقالت: “لقاؤنا اليوم هو اكثر من محطة مفصلية، لأننا نطلق مشاريع عدة. نطلق نداء للمصالحة بين المواطنين والدولة، ونداء لكسر الحواجز بين اللبنانيين، نداء للمواطنية. نضع حجر الأساس لبرنامج “جيل المواطنية” الذي يشكل رؤية تتخطى الازمات وتعلو على الانقسامات، وتخطط للمستقبل بشجاعة. واليوم نبدأ بمشروع مدرسة المواطنية، الذي هو أول ركيزة من برنامجنا”.
واضافت: “اعتدنا القول في كل أزمة، إن شبان وشابات لبنان هم الأمل، ولكن ماذا قدمنا لهم فعليا ليتمكنوا من ان يكونوا على قدر هذا الأمل؟ عندما نفكر في جيل يتربى على أسس صلبة، نفكر بشكل تلقائي بالمؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة، التي هي فخر لبنان برسالتها التربوية التي تحملها منذ مئات السنين. ولكن هل ندرك فعلا قدرة هذه المؤسسات على ترسيخ مفهوم المواطنية؟ وفي انتظار تحديث المناهج وتطويرها، الذي تواكبه وزارة التربية ومركز البحوث والإنماء مشكورين، وهدفه تطوير النظرة العامة لطريقة التربية، أحببنا أن نطلق “مشروع المواطنية” ليكون جسر تواصل بين الدولة والشباب، من خلال المؤسسات التربوية”.
كما اوضحت ان “هذا المشروع الذي ستتعرفون الى كل تفاصيله من خلال فريق العمل، شكل رابطا للبنان من شماله إلى جنوبه، ويمكن ان يعتبره الكثيرون حلما أو شعارات. لذلك، لا ارغب في التوجه إلى العقول فحسب، بل إلى القلوب ايضا”.
وتابعت: “أخاطبكم من قلب أم واكبت أولادها وهم يكبرون في بلد تتغلب فيه الأزمات على الآمال. أخاطبكم من قلب مواطنة ضاع أكثر من نصف عمرها، وهي تشاهد أجيالا تتحدث عن الطائفية والمناطقية بدلا من التحدث بلغة وطنية. أخاطبكم ايضا من قلب سيدة لديها إيمان بكل واحد منكم، لانها تعلم ما يحقق الشباب اللبناني في العالم، وقدرته على إعطاء بلده”.
وأشار الى ان “هذا المشروع بسيط في فكرته، لكنه ثوري في طموحه. لأننا نحول مدارسنا إلى مختبرات تصنع الوطنية، ولأننا نجعل من مقاعد الدراسة منابر للقيم والمسؤولية، ولأننا نجعل من طلابنا سفراء للتغيير تحت راية مبادئ مشتركة”.
وتوجهت الى جميع مديري المدارس الذين يحملون هم المؤسسات التربوية قائلة: “أنتم بناة المستقبل… وأنتم الذين تصنعون قادة الغد. الى جميع المعلمين والمعلمات، الذين، رغم كل مطالبهم المحقة، سيكونون رواد هذا المشروع. لكم كل التحية والتقدير، لأنكم في كل صف وفي كل كلمة، تزرعون بذرة الفكر النقدي والاحترام والمسؤولية. والى الأهل أقول: أنتم والمدرسة تشكلون عامودين لهيكل واحد هو الوطن الذي نهدف الى تعزيز الانتماء إليه”.
واردفت: “أما للشابات والشبان، فأتوجه إليكم بكثير من الصدق. نريدكم أن تكونوا افضل منا… لتكون ايامكم أفضل من ايامنا. ولهذا السبب، نريد أن تجعلوا من هذا المشروع تجربة ناجحة، وتنضموا إلى جيل المواطنية لنصل الى ان يتمتع لبنان بوحدة اكبر، بعدالة أكثر، والأكيد… قوة أكبر”.
وقالت: “في الختام، هذا المشروع ليس باسم شخص أو مؤسسة أو جهة، هو نتيجة الشراكة المشكورة التي تشمل جميع الأطراف المعنيين الموجودين معنا اليوم، وهو نقطة انطلاق كان يجب انجازها بعد الحرب لإعادة التواصل بين الناس، ولكن للأسف تغلبت ظروفنا على إرادتنا. يمكننا أن نبقى على حالنا، انما يمكننا كذلك أن نبدأ، لان كل شيء مباح لنا جميعا تحت سقف المواطنية”.
ثم قدمت مستشارة السيدة الأولى للبرامج الخاصة الدكتورة لينا قماطي عرضا مفصلا عن المشروع وتفاصيله، وعن المراحل التي سيمر بها من أجل تشكيل أكبر شبكة وطنية مترابطة لتنفيذ أهدافه، بالتعاون مع الشركاء والمدارس والجمعيات المعنية. وقالت: “تشكل مبادرة “مدرسة المواطنية” حجر الأساس في مشروع وطني طويل الأمد، يهدف إلى تخريج جيل يؤمن بدوره كمواطن فاعل ومسؤول في مجتمعه. وتسعى المبادرة إلى تحويل المدارس من مؤسسات تعليمية، إلى مساحات تخرج مواطنين قادرين على المبادرة والتغيير. وترتكز على مؤشر تربوي هو الأول من نوعه عالميا تطوره “اليونيسكو” حول المواطنية على صعيد المدرسة، ويعد لبنان أول بلد ينفذ فيه هذا المؤشر”.
واضافت: “يبنى مؤشر المواطنية على أربع ركائز أساسية:
أولا: المفاهيم التي تدعو التلاميذ إلى اكتشاف وفهم القضايا الكبرى في عصرهم سواء كانت اجتماعية، ثقافية، بيئية أو متعلقة بحقوق الإنسان مع تعزيز الانفتاح الذهني وروح العيش المشترك.
ثانيا: المهارات التي يكتسبها التلاميذ في المدرسة، وتنمي لديهم التفكير النقدي، والحوار، وروح التعاون، واحترام التنوع، ليصبحوا مواطنين فاعلين ومسؤولين.
ثالثا: الحوكمة المدرسية التي تعزز المشاركة الديموقراطية من خلال الانتخابات الطلابية، وتشجع على التعاون بين المعلمين والأهل والطلاب.
رابعا: مشاريع الخدمة المجتمعية التي تشجع الشباب على الانخراط في قضايا مجتمعاتهم، من خلال تحديد التحديات واقتراح حلول واقعية بالتعاون مع الجهات المعنية.
وتنقسم المبادرة إلى خمس مراحل رئيسية بفترة عمل تمتد على خمس سنوات لضمان ديمومتها وتأثيرها الوطني: أولا: التسجيل عبر اختيار أول 150 مدرسة ثانوية من القطاعين الرسمي والخاص في السنة الاولى التجريبية على أساس تمثيلها للمناطق ومع مراعاة النسبة بين الرسمي والخاص.
ثانيا: تدريب الإدارات والأساتذة بواسطة المركز التربوي للبحوث والإنماء وبالتعاون معه.
ثالثا: تطبيق الإصلاحات داخل المدارس وفق مؤشر مدرسة المواطنية.
رابعا: الانخراط المدني عبر تنفيذ مشاريع مجتمعية بقيادة التلامذة.
خامسا: التتويج وإصدار تقارير تقييمية وتكريم المدارس المتميزة ضمن المؤتمر الوطني للتربية على المواطنية.
كما يعكس تنوع الشركاء التزاما وطنيا ودوليا جماعيا بنجاح المبادرة، واهمها وزارة التربية والتعليم العالي اليونيسكو، المركز التربوي للبحوث والإنماء، الجامعة الأميركية في بيروت، شبكة جمعيات محلية ودولية وجامعية وغير حكومية، شبكات المدارس ونقابات المعلمين، ومؤسسات مانحة تدعم التمويل والبنية التشغيلية لمدة خمس سنوات”.
وتابعت الدكتورة قماطي: “تأتي “مدرسة المواطنية” اليوم استجابة لضرورة وطنية ملحة، هدفها بناء الهوية والانتماء، تعزيز التواصل بين المدرسة والمجتمع، تهيئة التلامذة للمشاركة في الشأن العام، نشر الوعي بالقضايا المحلية والإقليمية والعالمية المرتبطة بالمواطنية الفاعلة. فالشباب، ومن خلال مشاركتهم في مشاريع حقيقية، يصبحون صانعي التغيير لا متلقين له. وسيرافق فريق التواصل المبادرة طوال العام الدراسي لتغطية الإنجازات وزيارات اللبنانية الأولى إلى المدارس المشاركة في ختام كل دورة سنوية. وسيقام مؤتمر وطني للتربية على المواطنية لتبادل الخبرات وتكريم المدارس المتميزة وفق المؤشر”.
وعلى الأثر، أدارت مستشارة اللبنانية الأولى للتواصل السيدة نادين نجيم جلستين حواريتين حول المشروع، الأولى بعنوان “شركاء استراتيجيون لمدرسة المواطنية”، بمشاركة وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي، الدكتورة ميسون شهاب القائمة بالأعمال واخصائية أولى للبرامج في مكتب اليونيسكو الإقليمي في بيروت، الدكتور فضلو خوري رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، الدكتورة هيام إسحاق رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء، والسيد بيارعيسى مؤسس جمعية Arcenciel.
والجلسة الثانية بعنوان “متبرعون وداعمون لمدرسة المواطنية” بمشاركة السيدة تانيا سعادة الزعني رئيسة مؤسسة CMA-CGM والمديرة التنفيذية لمجموعة CMA-CGM، السيد فيليب جبر رئيس جمعية فيليب جبر ورئيس مجلس إدارة ألمازا، السيد فيليب حلو الشريك المؤسس لمجموعة موركس، والسيدة هالة شقير عضو مجلس إدارة باتشي.
يذكر ان اللبنانية الاولى ترأس اللجنة التوجيهية للمشروع، المؤلفة من وزارة التربية والتعليم العالي، منظمة اليونيسكو، الجامعة الأميركية في بيروت، مكتب عالم الحقوقي، جمعية Arcenciel وممثلين عن الداعمين.
 
                         
                                
